وضع الإسلام هذه القواعد وعرفها علماؤه وفقهاؤه في وقت كانت فيه دول الحضارة الغابرة تتعثر في عادات جافة لا تعرف للإنسانية حقاً ولا تقيم للعدالة والسلام وزناً. ثم تلتها دول الحضارة الناشئة فأخذت تخطو في آثار الحضارة الغابرة حتى أسس فقيه هولندي في القرن السابع عشر ما سماه القانون الدولي الحديث ووضعه على مبادئ القانون الطبيعي الذي يرفض القانونيون الآن الاعتماد عليه كقانون له احترام القوانين. ولقد حاول العالم أن يضمن السلام في عصرنا الحاضر بالرجوع إلى هيئات دولية محكمة ولكن المجازر البشرية الدائرة الآن في أقاليم الأرض تنطق بالفشل الذريع الذي أصاب العالم في الوصول إلى غايته
فأين هذا من قواعد الإسلام الصريحة العادلة. وأين لهم ضمان كضمان الإسلام إذ يجعل هذه القوانين أحكاماً تكليفية دينية لا يسع المسلمين بمقتضى تدينهم إلا أن يرعوها حق رعايتها ويعملوا على تنفيذها وتحقيقها سواء فيما يختص بهم أم بغيرهم. فهذا وذاك شرع الله الذي لا مناص من النزول عليه والعمل بمقتضاه من غير تفرقة بين مسلم وغير مسلم. ويقول فيه (ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم)(أن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)(وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وأن كثيراً من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)
اقتراح
يذكرني مؤتمر رابطة الإصلاح الاجتماعي في عرضه هذه الموضوعات على بساط البحث - بمؤتمر القانون الدولي المقارن الذي عقد في سنة ١٩٣٧ بمدينة لاهاي وقد مثلت فيه الشريعة الإسلامية بموضوعين عظيمين: علاقة الشريعة الإسلامية بالقانون الروماني. والمسئولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية
وقد ظفرت الشريعة في هذا المؤتمر الأوربي بقرارات أهمها: أن الشريعة الإسلامية شريعة مستقلة وأنها صالحة لمجاراة التطور الحديث. وقد أوصى المؤتمرون هيئة المؤتمر بأن تعني في أدواره المقبلة أشد العناية بمسائل التشريع الإسلامي. وأن تدعو إلى الاشتراك