الموظفين المضربين، وكان اندهاشه لأنه يعرف أن مكرم عبيد قبطي، ولأنه يتوهم أن الأقباط لا يشاركون المسلمين في الثورة على الاحتلال
ورأى مكرم أن يصحح موقفه أمام رئيسه فكتب إليه خطاباً يشرح فيه كيف استجاز لنفسه أن يضرب مع المضربين، وساق في ذلك خطاباً لأحد القسيسين الأقباط قال فيه:(إذا صح أن الأقلية القبطية ستكون عقبة في طريق الاستقلال فسندعو الأقباط جميعاً إلى الإسلام لتسقط حجة المحتلين)
وقد طبعنا خطاب مكرم عبيد إلى رئيسه الإنجليزي ومضينا فوزعناه على الجماهير لنذكي به روح الوحدة القومية
ثم ماذا؟
ثم نظر مكرم فرأى أن أبويه كانا سمياه (وليم) فاستغنى عن اسمه الأجنبي واكتفى باسمه الوطني، وهو اسم عبي صريح كان علماً لأحد الأقباط الأشراف بهذه البلاد.
ثم ماذا؟ ثم ماذا؟
ثم صرح مكرم باشا في خطبة شهيرة بأنه مسلمُ وطناً، وأزهري ثقافةً
فما معنى ذلك يا كاتب الخطاب من فارسكور، عليها أطيب التحيات؟
معناه أن مكرم باشا يرى الإسلام من أكبر عناصر الوطنية المصرية، وأن الثقافة الأزهرية من مظاهر تلك الوطنية
وإنما استحبت لنفسي أن أخوض في هذه الأحاديث الشوائك لأني واثق بأني لن أجد من يتهمني بالتعصب الديني، فأصدقائي الحقيقيون في مصر أكثرهم من الأقباط، ولي بين نصارى الشام والعراق إخوان أوفياء يروني أكرم صاحب وأوفى صديق، وأزاهم من أطيب الذخائر في حياتي، ومن مسالكهم النبيلة أستمد التأييد لهذا الرأي الصريح.
سلامة موسى رجل غير موفق
الأستاذ سلامة موسى صديق عزيز، وقد تحدثت عنه في مقالاتي ومؤلفاتي بما هو له أهل، وقد دفعت عنه قالة السوء حين كنت في العراق، فقد كتب الأديب مشكور الأسدي خطاباً وجهه إليّ في جريدة (الكلام) عن حقيقة سلامة موسى
ثم شاءت المقادير أن تعطل الجريدة قبل أن تنشر جوابي وهو ثناء مستطاب على الصديق