في الجرائد الوفدية والسعدية؟ ظل التلاحي على ضرامه بين جريدة المصري وجريدة الدستور، ولسان حالهما يقول:
إذا ما الجُرح رم على فسادٍ ... تبيَّن فيه تقصير الطبيب
فهل يُلام مثلي إذا أضجرته هذه الحال فلم يشترك في الاحتفال بذكرى سعد؟
للسياسة فنون، ومن فنون السياسة أن يكون الرجل أخاً صادقاً لجميع المواطنين، وكذلك تتحول السياسة إلى وطنية صحيحة تكره الهدم والتجريح.
اختلفوا ما طاب لكن الخلاف، يا بني وطني، فالخلاف دليل الحيوية، ثم احذروا العداوة والبغضاء، لأنهما لا يصدران عن أرباب القلوب.
بين الدين والوطنية
يظهر أن مقالي في نقد الأستاذ سلامة موسى لم يُرض جميع القراء، فقد تلقيت خطاباً صدر عن مدينة فارسكور، وهو خطاب لم يخل من تحامل، وإن كانت عبارات كاتبه تشهد بأنه من المطلعين، وكيف لا يكون كذلك وهو (ضبع)؟!
وأنا احرص أشد الحرص على إزالة ما قد يقع بيني وبين قرائي من أسباب الشقاق، لأني طيب القلب إلى أبعد الحدود، وإن قال قوم بأني سأكون من حطب جهنم، لطف الله بهم وهداني! فما الذي كنت قلت في ذلك المقال؟
أذكر أني قلت إن من واجب كل مصري أن يعطف على العروبة والإسلام، لأنهما سناد مصر في الشرق، وأذكر أني قلت إن اهتمام الأستاذ مكرم باشا عبيد بحفظ القرآن هو مظهر من مظاهر الوطنية؛ فجاء كاتب الخطاب من فارسكور يقول:
(أهذه هي مقاييس الوطنية؟) وأقول: نعم، هذه مقاييس الوطنية، بشهادة الأستاذ مكرم باشا عبيد
ولكن كيف؟
ظهر الأستاذ مكرم عبيد على مسرح السياسة سنة ١٩١٩ قبل أن يولد كاتب الخطاب من فارسكور، وكنت أنا يومئذ من المكتوين بنار الثورة المصرية؟ فهل يعرف الناس كيف التفتنا إلى مكرم عبيد في ذلك العهد؟
كان مكرم سكرتيراً لأحد المستشارين الإنجليز، ثم اندهش رئيسه من أن يشترك مع