حضري الشمائل، أدركنا أنه من أعيان أهل الفضل في هذا الجيل.
ولو شئت لمضيت إلى آخر الشوط فقلت: إن صحبتي لهذا الصديق قد اتصلت بالفكر والروح أكثر من عشرين سنة، وما اذكر أبداً أني أحصيت عليه هفوة واحدة من هفوات الفكر والروح. في الدكتور عبد الوهاب عزام عيب واحد هو الهدوء، ولكنه هدوء الطمأنينة لا هدوء الخمود، فأرجو من القراء ومن المستمعين أن يذكروا أن هذا الرجل لا يكتب أو يتحدث إلا ليواجههم بأشياء من المعاني الصحاح في الأدب والخلق والدين والتاريخ.
ذكرى سعد
من تحصيل الحاصل أن أقول إني لم أكن وفدياً في يوم من الأيام، والوفد يعرف ذلك، ومن أجل هذا كان يتغاضى عما أبثه في مقالاتي من الدعوة إلى مبادئ الحزب الوطني حين كنت أشتغل بالتحرير في الجرائد الوفدية
وكنت أحضر الحفلات التي يقيمها الوفد لذكرى سعد تأييداً للمعنى الجميل الذي تنطوي عليه، ثم هجرت تلك الحفلات بعد أن صارت تقام في مكانين: أحدهما للهيئة الوفدية، وثانيها للهيئة السعدية، تجنباً للظهور بمظهر التحزب لأحد الفريقين، ولي فيهم أصدقاء أعزاء. وفي اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال تقام حفلتان لذكرى سعد، وكان في نيتي أن أحضر هاتين الحفلتين بلا تفريق لأواسي أصدقائي هنا وأصدقائي هناك
فما الذي صدني عن حضور هاتين الحفلتين؟
أذكر السبب فأقول:
لما مرض رفعة النحاس باشا ترفق سعادة الدكتور ماهر باشا ومضى لعيادته، على ما كان بينهما من ضغائن سود ووقفتهما حاقدين أمام محكمة الجنايات.
ولما عوفي النحاس باشا مضى لزيارة من عادوه من الكبراء، واتفق أن لم يجد الدكتور ماهر باشا في داره فترك له بطاقة وانصرف، وإلى هنا أدى النحاس باشا واجبه تأدية صحيحة، ولكنه رأى أنه كان يجب أن يشعر الدكتور ماهر بزيارته لينتظره، فترفق وأخبره بأنه سيزوره مرة ثانية، ثم كان تلاقٍ كريم بين صديقين قديمين فرقت بينهما اللجاجة الحزبية، وهي خلافة المآثم والعيوب.
هذا التصرف نبيل من هذين الرجلين، فهل تعرفون كيف كان تأثير هذا التصرف النبيل