للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالرفق ما أمكن. ولكن إذا اضطر المربي إلى أن يضرب الصبي على تركه الصلاة متى ما بلغ السن التي تجيز ذلك، فلا بأس أن يضربه ضرباً غير مبرح، ولا يزيد على ثلاثة أصوات شيئاً إلا في حالات نادرة جداً. وهنا يحدد عدد الأصوات بعشرة، وهو الحد الأقصى. ولا ينسى العبدري أن يذكر المربي بتفاصيل عدة لا يخرج مرماها عن مراعاة المسلمين لشعور الأطفال. فهو ينصح المؤدب مثلاً ألا يسمح للتلاميذ أن يحضروا غداءهم إلى المكتب، أو يحملوا نقوداً لشراء ما يرغبون من الطعام، حتى لا يتألم الطفل الفقير الذي لا يمكنه مجاراة الموسرين في مظاهر يسرهم. وعلى ذلك فهو يفضل أن يرجع الأطفال أجمعون إلى منازلهم للغداء

ويرى العبدري أيضاً أن يلعب الأطفال لعباً جميلاً بعد انصرافهم من المكتب حتى تذهب عنهم آثار التعب والملل، وحتى يستأنفوا دروسهم بشوق واهتمام

ولقد عقد ابن خلدون في مقدمته الشهيرة فصلاً في أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم، ولاسيما في أصاغر الولد. وذكر أن كل من كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو الخدم سطا به القهر، وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها، ودعاه إلى الكسل، وحمل على الخبث والكذب، وفسدت معاني الإنسانية فيه. . . وهكذا وقع لكل أمة حصلت في قبضة القهر ونال منها العسف

كذلك لم تكن رعاية الأطفال مقصورة على المفكرين والمشتغلين بالتربية، بل قام المحسنون بإنشاء المعاهد الخيرية لتعليمهم وحمايتهم. وكثير من الكتب الإسلامية تفيض بذكر الكتاتيب التي بنيت لتعليم اليتامى والمساكين وإطعامهم وكسوتهم. ولقد ساهمت المرأة المسلمة بقسط وافر في هذا الميدان، إذ يذكر المقريزي في كتابه الخطط أسماء كثير من النساء اللاتي قمن ببناء الكتاتيب وحبسن عليها الأموال والأملاك لتعليم أبناء الفقراء كتاب الله. وكثيراً ما كان يبنى الكتاب بجانب المدرسة والبيمارستان مما سهل بطبيعة الحال حصول الأطفال على العلم والعلاج

وبلغ من عناية المسلمين بأمر الأطفال أن كلف رئيس الشرطة بتفقد أحوال الكتاتيب لمنع تعليم البنات الصغار أشعار الغرام والمجون مما قد يكون له أثر السيئ في أخلاقهن، ولحماية الأطفال مما قد يصيبهم من قسوة المعلمين. وهكذا لم تقف الدولة موقفاً سلبياً في

<<  <  ج:
ص:  >  >>