للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الله للأمة كما اختار الأنبياء إلا أنه نبي الفكر والعزيمة. . .)

قلت: إن الرافعي لم يكن يعني بإنشاء نشيده (اسلمي يا مصر) أن يجعله نشيداً قومياً، فإنه لمطمئن إلى أن نشيده (إلى العلا. .) ماض في طريقه إلى هذا الهدف؛ إنما كان يعني أن يضع في هذا النشيد صوت سعد كما تصورت حقيقته في نفسه؛ لكن نشيده ما كاد ينشر ويذاع، حتى أبدت البلاد رأيها؛ فقام الطلبة والأدباء والفنانون يدعون دعوتهم إلى اتخاذه نشيداً قومياً لتجعل صوت سعد في هذا النشيد صوت البلاد، ولتتخذ ما فيه من معاني المجد شعاراً لكل مصري، أن كان صوت سعد يومئذ هو صوت كل مصري

وتألفت اللجان في مختلف البلاد لإعلانه وإذاعته، وتسابق الملحنون إلى ضبط نغمته ورسم لحنه؛ فكان أسبقهم إلى ذلك الموسيقار منصور عوض، والموسيقار صفر علي؛ واللحن الأول أدق اللحنين وأوفاهما بالغاية؛ ولكن اللحن الثاني أذْيع وأعم، وبه تنشده فرق الكشافة المصرية بعد إذ صار نشيدها الرسمي

النشيد القومي في سنة ١٩٣٦

ونجحت الدعوة نجاحها المؤمل، فصار نشيد (اسلمي يا مصر) هو نشيد مصر القومي من سنة ١٩٢٣ إلى سنة ١٩٣٦ حين أعلنت الحكومة عن المباراة العامة لتأليف نشيد قومي يهتف به الشعب وتعترف به الحكومة

في هذه الفترة كان الرافعي على نية إنشاء نشيد وطني جديد، إجابة لرغبة تقدم بها إليه شبان الوفد؛ فما أذاعت الحكومة بيانها عن المباراة حتى تقدم بنشيده الجديد:

حماةَ الحمى، يا حماة الحمى ... هلمُّوا، هلموا لمجد الزمن

لقد صرخت في العروق الدما ... نموت، نموت، ويحيا الوطن

كما تقدم بنشيده الآخر: (اسلمي يا مصر)؛ ولأمر ما استبعدت لجنة المباراة النشيد الثاني، ومنحته الجائزة الثانية على النشيد الأول. وما أريد أن أعرض لرأي اللجنة وحكمها في هذا النشيد الجديد، فذلك باب من النقد الأدبي ليس من قصدي التعرض له في هذا المقال؛ فإن للتاريخ الأدبي حكمه في هذا الشأن، يوم تُنسى الأحقاد وتمحى العداوات

ليس ما ذكرت هو جهد الرافعي في الأناشيد، وليس بهذا وحده يستحق أن نخلع عليه هذا اللقب الذي لا أرى غيره من شعراء العربية جديراً به؛ فما أستطيع أن أحصي كل ما أنشأ

<<  <  ج:
ص:  >  >>