للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرافعي في هذا الباب، وحسبي أن أذكّر بنشيده الخالد الذي أنشأه في سنة ١٩٢٧ ليكون شعار (الشبان المسلمين)، فهنا، في هذا النشيد، يُعرف الرافعي الشاعر المسلم المجاهد الذي وقف قلمه وبيانه على خدمة المسلمين والعرب

أما (نشيد الملك)، و (نشيد بنت النيل)، و (نشيد الطلبة) الذي أنشأه ليكون به هتاف تلاميذ المدرسة الثانوية بطنطا - فذلك من البيان له فصل بعنوانه في تاريخ الأدب العربي

البحر المنفجر

في أناشيد الرافعي عامة، تعرف له طابعاً وروحاً ونغمة هي سر نجاحه فيما ألّف من أناشيد، ويميل في أناشيده الوطنية خاصة إلى إبراز معنى القوة في سبك اللفظ ولحن القول؛ ولو أنك سمعته مرة وهو في خلوته الشعرية يحاول شيئاً من هذه الأناشيد لسمعت لحناً له رنين يشترك فيه صوت الرافعي، ونقر أصابعه على المكتب وخفق نعله على أرض المكان؛ وعلى أن الرافعي كان أصم لا يسمع قصف المدافع، فإنه كان لا يستوي له النظم إلا في مثل هذه الحال. واسألوا صديقنا الأستاذ مصطفى درويش المحقق بوزارة المعارف: ماذا رأى وماذا سمع يوم صحب الرافعي من طنطا إلى القاهرة وكان يؤلف في القطار نشيده (حماة الحمى. . .)؟

واسألوا الآنسة ماري قدسي معلمة الموسيقى بوزارة المعارف تحدثكم عن خبر الرافعي يوم جلس إليها وهي تعالج تلحين نشيده (بنت النيل) ويوم جلست إليه تعزف له على البيانة لحنها لنشيد (اسلمي يا مصر) وهو يسمعها بعينيه تتبعان أصابعها على المعزف وهو ينقر على الأرض بعصاه ورجليه، وينفخ شدقيه وفي أذنيه وقر ثقيل. . .!

هذه النغمة التي كانت تتمثل للرافعي في سمعه الباطن وهو يعالج نشيداً من الأناشيد، كان لها أثرها الفني في عمله، وهي هي التي كانت تشعره أحياناً بالعجز عن أن يجد في موازين الشعر العربي النغمة التي كان يريدها في أناشيده كطبل الحرب؛ فلما هم أن يضع نشيد الطلبة:

مَجْداً مَجْداً مَدْرَستي ... مدرستي مَجْداً مَجْداً

عن علمي عن تربيتي ... مدرستي حَمْداً حمداً

لم يجد له نغمة تلائمه فيما يعرف من بحور الشعر، فاخترع له هذا الميزان الذي يزنه به

<<  <  ج:
ص:  >  >>