إلى العلا، إلى العلا، بني الوطن ... إلى العلا، كلُّ فتاةِ وفتىً
وفاز الموسيقار الكبير الأستاذ منصور عوض بالسبق إلى اللحن والجائزة!
ليس من همي هنا أن أوازن بين نشيدي شوقي والرافعي؛ فقد مات نشيد الرافعي (إلى العلا. . .) بعدما سبقه نشيد شوقي إلى الموت بعشر سنوات، ولم تُجْدِ كل المحاولات في بعثه ونشره. . . وإن كان لي أن أقول شيئاً هنا في الفرق بين النشيدين فهو أن أصف كيف كان استقبال الناس لنشيد الرافعي واحتفائهم به في كل مكان، وكيف كان نشيد شوقي
لقد سمعت نشيد الرافعي أول ما سمعته في حفل رسمي أقيم لإذاعته بطنطا في سنة ١٩٢١ أو ١٩٢٢ بمسرح البلدية؛ فما أحسب أني رأيت نشيداً احتفل له الناس ما احتفلوا لنشيد الرافعي يومئذ؛ فإذا كان قد مات بعد ذلك بسنين وجر عليه النسيان أذياله، فما أظن ذلك كان لضعف فيه أو نقص يعيبه، ولكننا نعيش في شعب أكبر فضائله أن ينسى. . . وعند الله الجزاء. . .!
اسلمي يا مصر
وتطورت الفكرة الوطنية فتمثلت بشراً في سعد زغلول؛ فهو المصري الذي لو أرادوا أن يمثلوا ذلك الشعب العريق إنساناً تراه العين لما وجدوا إلا صورته، ولو سألوا: من الرجل الذي يقول أنا الأمة صادقاً غير محتال لما وجدوا غيره. . .
وتطورت فكرة النشيد القومي عند الرافعي فرأى رؤياه في منامه، فلما أصبح ألف نشيده (اسلمي يا مصر) وما كان هم الرافعي عندما ألفه أن يجعله نشيداً قومياً؛ إنما قصد إلى أن يجعله بياناً رمزياً على لسان سعد، أو كما يقول الرافعي في خطابه إلى سعد في جبل طارق:
(وما أردت بإظهار نشيدك إلا أن تظهر في كل فرد من الأمة على قدر استعداده، ويبقى اسمك الجليل مع كل مصري على الدهر ليكون مصدراً من مصادر إمداده
(ويقولون إنه نشيد يقربك من الأجيال الآتية، وأنا أقول إنهم هم يتقربون به إليك، ويجدون منه الوسيلة لتقبيل اسمك المحبوب إذ لا يستطيعون مثلنا تقبيل يديك، ويعلمون في كل زمن من شرح هذا الاسم الكبير أنه الرجل الذي خط قلم الأزل كتاب نهضته الكريمة، واختاره