قرأت في العدد ١٦٠ من (الرسالة) للأديب عباس خضر نقداً لقصيدة القاياتي. ولكني لم أستطع فهم رأيه في قول الشاعر:
يقولون إن الراح للفكر صيقل ... وربك ما في الراح عقل ولا فكر
فالأديب قد أخذ على الأستاذ المغالطة في هذا البيت وهذا قوله فيه:
(فأن خلو الراح من العقل والفكر لا يمنع من أن تصقل الفكر، وهناك كثير من الأشياء تصقل الفكر وليس لها عقل ولا فكر).
فهو قد فهم أن علاقة الراح بالعقل والفكر علاقة الملك ورأى أن للراح عقلاً وفكراً ولكني أستطيع أن أقول إنه ليس ثم مغالطة فالشاعر لم يقصد إلى ذلك ولم يعنه وإلا لكان جديراً به أن يقول:
وربك ما للراح عقل ولا فكر
ولكان البيت حينئذ سليماً والمعنى مستقيماً مع رأي الأديب.
ولكن الشاعر لم يرد ذلك ولم يعمل له وإنما يعني نفي العقل والفكر عن شارب الراح وكيف تصقل الراح العقل والفكر وهي تذهب بهما فلا وعي ولا تفكير، وذلك نظير قوله تعالى:(يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس) فالإثم ليس فيهما وإنما في تعاطيهما.
ولو كان الشاعر يعني رأي الأديب لكان البيت ضعيف المعنى ضعيف السبك لا يجدر بشاعر حدث بله الشاعر عميق الفكرة دقيق الالتفات.
وكيف ينعى الشاعر على القوم قولهم إن الراح تصقل الفكر ثم يقرر ذلك.