يدور بين الأدباء كلام كثير حول اختيار هذا النشيد الذي وضعه الأستاذ محمود صادق، والأمر بتلحينه واتخاذه نشيداً قومياً لمصر؛ ولا يعنينا أن نخوض الآن في شيء من ذلك.
ولكن الذي يعنينا أن أحداً من الأدباء لم ينتبه للأغلاط الموجودة في هذا النشيد، وهي أغلاط فاحشة، ولم تتنبه كذلك وزارة المعارف، ولم يتنبه علماء الدين إلى جملة في النشيد تؤدي بمن يعتقدها من المسلمين إلى الكفر الصريح! وهذا هو موضوع العجب! كأن الجميع اتفقوا على إهمال هذا النشيد وتركه يوم من تلقاء نفسه، وأصرت وزارة لمعارف من جهة أخرى على ألا يموت.
ونحن نذكر الغلطة الأولى في هذا النشيد، ونطلب من أنصاره الإجابة عنها، فإن فعلوا استفتيناهم في غيرها، وإلا اعتقدنا أنهم عن غيرها أعجز.
يقول واضع النشيد:(سأهتف باسمك ما قد حييت).
وهذا الشطر يتكرر في النشيد كله من أوله إلى أخره. والمعروف في قوانين العربية أن (قد) في مثل هذا التركيب تكون لتحقيق وقوع الفعل، فهي تمحص الفعل الذي بعدها للماضوية كما تقول قد رأيت، أي رأيت وانتهى زمن الرؤية؛ فإذا كان ذلك فما معنى تعليق فعل وقع وانقطع على فعل سيقع في المستقبل وهو (سأهتف)؟
إن معنى الكلام هو بالضبط كقولك سأهتف باسمك في المدة التي عشتها، وهذا بالضبط كما تقول سأقابلك أمس. وكل ذلك تركيب فاسد لا يمكن أن يستقيم في العربية. ونحن الآن نطلب مثالاً من العربي الفصيح تكون (قد) مستعملةً فيه بين ما المصدرية والفعل الماضي الذي سيؤول معها بمصدر، فإن وجد المثال فليتفضل من يدلنا بذكر الكتاب ورقم الصفحة.