يجيبون نداءها، ويسدون حاجتها. اسمعوا ما يقوله كارل ماركس في كتابه (بؤس الفلسفة) رداً على ما كتبه برودون في كتابه (فلسفة البؤس): (إن الروابط الاجتماعية متصلة اتصالاً وثيقاً بقوات الإنتاج، فالناس إذا حصلوا على قوات منتجة جديدة يغيرون طرق الإنتاج، وإذا غيروا طرق الإنتاج وغيروا كذلك نظام كسبهم للعيش فقد غيروا في جميع روابطهم الاجتماعية. هذه هي طاحونة الهواء تنبت وسطاً إقطاعياً يسوده النبلاء. أما الطاحونة التي تدور بالبخار، فتنبت وسطاً صناعياً يسوده أصحاب رؤوس الأموال. ونفس الرجال الذين يقيمون روابطهم الاجتماعية على مقتضى الطرق المادية للإنتاج هم الذين يصوغون أيضاً المبادئ والأفكار والحدود وفقاً لروابطهم الاجتماعية)
فالعوامل الاقتصادية التي تصنع التاريخ في رأي ماركس وانجلز هي وسائل الإنتاج، يضاف إليها وسائل النقل وتداول الثروة والبيئة الجغرافية التي تقوم فيها العوامل الاقتصادية
وكل هذه العوامل الاقتصادية تدور حول نقطة واحدة، هي الكفاح ما بين الطبقات. فالكفاح ما بين الطبقات يسود جميع النظم الاجتماعية: يسود النظام السياسي، وما تاريخ الحكومة إلا تاريخ نضال مستمر ما بين طبقة وأخرى تتداول السيادة والسلطان؛ يسود النظام القانوني، وما القانون إلا صورة منعكسة من وسائل الإنتاج الاقتصادي، وهو لم يوجد إلا لحماية المصالح الاقتصادية، أي حماية مصالح الطبقة السائدة؛ يسود الدين والفلسفة والأدب والأخلاق، وإذا لم يكن الأصل في هذا كله عاملاً اقتصادياً فإن هذه العوامل الأدبية تتطور بعد نشوئها وفقاً للحاجات الاقتصادية ولمصالح المتغلب من الطبقات
ثم ينتقل ماركس وانجلز من بسط النظرية إلى تطبيقها على الحوادث التاريخية. فعندهما أن النظام الإقطاعي هو الذي خلق العصور الوسطى تسود فيها طبقة النبلاء، وأن نظام الصناعة الكبرى هو الذي خلق العصور الحديثة تسود فيها طبقة البورجوازية، وأن الكارثة لابد واقعة: والكارثة لفظ له مدلوله في إنجيل الاشتراكية، فالاشتراكيون يتربصون الدوائر بالبورجوازية، ويترقبون الوقت الذي سيحين لانتقال محتم إلى عصر جديد تحل فيه الكارثة بالبورجوازية على يد العمال
فماركس يستغل إذن نظريته في المادية التاريخية ليخدم بها مذهبه الاشتراكي، فينادي