قال أبو عبد الله ابن عبد الهادي - معلقًا على كلام البيهقي المتقدم -: (وهذا الذي قاله البيهقي في هذا الحديث وحكم به عليه قول صحيح بيّن، وحكم جليّ واضح، ولا يشك فيه من له أدنى اشتغال بهذا الفن، ولا يرده إلا رجل جاهل بهذا العلم، وذلك أن تفرّد مثل هذا العبدي المجهول الحال، الذي لم يشتهر من أمره ما يوجب قبول أحاديثه وخبره، عن عبد الله بن عمر العمري المشهور بسوء الحفظ وشدة الغفلة، عن نافع عن ابن عمر بهذا الخبر، من بين سائر أصحاب نافع الحفاظ الثقات، مثل يحيى بن سعيد الأنصاري، وأيوب السختياني، وعبد الله بن عون، وصالح بن كيسان، وإسماعيل بن أمية القرشي، وابن جريج، والأوزاعي، وموسى بن عقبة، وابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وغيرهم من العالمين بحديثه، الضابطين لرواياته، المعتنين بأخباره، الملازمين له، من أقوى الحجج وأبين الأدلة، وأوضح البراهين، على ضعف ما تفرد به وإنكاره وعدم قبوله، وهل يشك في هذا من شم رائحة الحديث، أو كان عنده أدنى بصر به؟!) ا. هـ.
قلت: هذا الذي قاله أبو عبد الله ابن عبد الهادي من نكارة هذا الخبر بسبب تفرد موسى بن هلال به عن عبد الله بن عمر، وتفرد عبد الله به عن نافع، وأن من كان مثلهما لا يقبل تفرده وخاصة عن إمام مشهور - كنافع مولى ابن عمر -، وأن مثل هذا التفرد يعد علّة يرد بها الخبر، ويحكم عليه لأجلها بالنكارة كما حكم عليه بذلك أبو بكر بن خزيمة وأبو بكر البيهقي، وهو معنى كلام العقيلي في حكمه على هذا الحديث، هو منهج الحفاظ السابقين والأئمة المتقدمين.