للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واقترح الآلهة أن يفرغ هيفستوس إله النار والفن، وابن زيوس، إلى ابتداع هذه الأنثى، فسوّاها من نفس الحمأ الذي خلق منه الإنسان، وجاءت آيةً من آيات الحسن، رقيقة كأنها صُوِّرت لنكون فتنة الأولمب.

واحتملها إلى زيوس، وأقبل الآلهة بنفثوس فيها أسرارهم، ويستودعون نفحاتهم؛ فهذه فينوس تهها من جمالها، وحيرا من ثرثرتها، ومينرفا من حكمتها، ولاتونا من استيحاشها، وديانا من رشاقتها، وكيوبيد من حبه، وأبوللو من شعره وموسيقاه. . .

أما هرمز الخبيث، فقد أنتظر واستأنى حتى فرغ الآلهة من إسباغ آلأئهم، ثم تقدم، وملء وجهه ضحكةٌ ساخرة، فأودع الحواء قلبَ كلبٍ، ونفس لص، وعقل ثعلب!!. .

ثم نفخ فيها زيوس من روحه، فذبت الحياة في أعطافها، ونظرت حولها فأبصرت الآلهة مشدوهين، مأخوذين بسحر جمالها، فولَّت مدبرةً، ولكن إلى غير مهرب!

وشرع الآلهة يتخيرون لها الأسماء، ثم سماها ربها (يندروا.) وأومأ إلى هرمز فاحتملها، كالطفلة المدللة، وذهب بها، هديةً غاليةً من السماء إلى التعس بروميثيوس، الذي رفضها غير شاكر وأباها غير حميد!!

وكان لديه أخوه أبيمثيوس فكادت نفسه تذهب شعاعاً حين أبصر هذه الغادة الهيفاء، يرفضها أخوه هدية من السماء! وتقدم هو فضرع إلى هرمز أن ينزل عنها، وأن يغفر لأخيه حماقته، وقلة بصره، وكفرانه الذي لا كفران بعده!!

ومع ذلك فقد نصح بروميثيوس لأخيه ألا يقبل هذه الهبة من الآلهة، وأن يرفضها، غير مشكورة، كما رفضتها:

- (إنها فتنة يا أخي، بل هي خدعة من خدع السماء حريٌّ ألا تنطلي علينا!).

- خدعة؟! خدعة ماذا يا أخي؟ خذ عينيّ فابصر بهما، وقلبي فضحِّه على مذبح هواها. . . ألا ترى إلى عينيها النجلاوين، وشفتها القرمزيتين، وثدييها الناهدتيين، وفخذيها المملؤتين، وساقيها الجميلتين؟. . .

- (بل بحبي عيناي يا أخي! إني أستشفُّ بهما فتوناً نفثته الآلهة في كلُّ جوارحها، فحذار! إنها ستكون خراب هؤلاء المساكين الذين صنعتهم يداي!!).

- (حسبك يا أخي وحسبي! هي لي من دونك، فتوّل عنا أودعْ!).

<<  <  ج:
ص:  >  >>