كنت بادئ الرأي خجلان أنكر على يدي ما تشتهيه من لمس أذن السيد سورو، ولكني شعرت تدريجياً أن عقلي يطيب لهذه الحركة ويقرها، ولأسباب كثيرة كانت تبدو لي غامضة مبهمة، كان لزاماً على أن، ألمس أذن (السيد سورو) لأثبت لنفسي أن هذه الأذن ليست شيئاً ممنوعاً أو منعدم الوجود أو خيالياً، ولأنفي أنها ليست لحم آدمي مثل أذني أنا نفسي.
وبغتة، مددت ذراعي بطولها، ووضعت سبابتي بمنتهى اللطف والرقة. . . وضعتها حيث أحببت، فوق لولبة الأذن بقليل، على هذا الجزء من الجلد الأحمر بلون الآجر.
سيدي! لقد سيم (دميان) العذاب لأنه صوب مديته إلى الملك لويس الخامس عشر، وإن تعذيب رجل لظلم مخز، على أن (دميان) نال الملك ببعض الأذى والمساءة، فأما أنا فأقولها لك أكيدة إني لم أضر (السيد سورو) شيئاً، ولم تختلج همامة نفسي بأن أتعمده بأي شر، وقد تقول لي إنهم لم يعذبوني، والصدق ما تقول إلى حد ما.
لم أكد ألمس أذن (السيد سورو) بطرف سبابتي بكل رفق حتى كان هو وكرسيه يثبان إلى الخلف، ولا بد أني كنت وقتها شاحب اللون قليلاً، فأما هو فقد استحال لونه إلى الزرقة كما يقع لمرضى فقر الدم حينما يشحب لونهم ثم أقبل من فوره على درجه فأخرج منه مسدساً.
تسمرت ووجمت، فقد شعرت أني جئت شيئاً نكراً وكنت كليلاً لا يضيء لي عقل ولا يستقيم لي رأي.
ووضع (السيد سورو) المسدس على النضد بيد ترتعش في قوة جعلته يحدث صوتاً كصوت اصطكاك الأسنان، وصرخ (السيد سورو). . . صرخ. . .
لست أعرف على وجهه الدقة ماذا جرى، فقد تلقاني عشرة من فراشي المكتب، وجروني إلى غرفة مجاورة، وهناك نزعوا عني ثيابي، وفتشوني، ثم ما لبثت أن استعدت ثيابي، وجاءني رجل بقبعتي، وأنهى إلى أنهم يرغبون في كتمان المر على أن أخرج من المؤسسة فوراً وأوصلوني إلى الباب.
وفي الغداة، حمل إلى (أودن) ما كنت أستعمله في مكتبي من أداة وأشياء خاصة.
تلك هي القصة الحزينة التي أكره أن أقصها لأني لا أستطيعذلك دون أن يساورني ضيق