للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أول باحث خص الشريف بجزء ين كبيرين، وقد استمع إليها كثير من الأساتذة والطلاب، وصرح الدكتور أنه وقف من الشاعر موقف الصديق، فتحدث كثيرا عن محاسنه وأشار إلى عيوبه برفق ولين، وقد قسم مواضيع الكتاب تقسيما نسبيا لم تتضح معالمه ورسومه، إذ لاحظت أن ما كتبه عن غراميات الشريف يصلح أن يكون بين ما كتبه عن حجازيات الشاعر، وما كتبه عن غرائب الوفاء يصلح أن يندرج فيما يليه من الأبواب دون التباس، وقد أدت سرعة المؤلف وعجلته إلى ذلك، ولست أجد ما أقوله غير أنه سطر أبحاثه بروح الشاعر الذي لا ينسى التحليق والطيران هذا وقد عين الدكتور مبارك بعد عودته من العراق مفتشا للغة العربية بالمدارس الأجنبية، وكان عمله الرسمي لا يكلفه جهدا كبيرا، فتفرغ للنشاط الأدبي، واتخذ من مجلة الرسالة الغراء ميدانا للصيال والحوار، وكانت هذه الفترة من حياته ألمع عهوده الزاهرة، حيث اعتبره المتأدبون في العالم العربي قائدا يتولى توجيه الشباب في صحيفة ممتازة، وأخذوا يتابعون أبحاثه وقصائده ومعاركه في اهتمام، وكان يسأل فيجيب، ويرشد فيطاع.

وقد حلل على صفحات الرسالة كثيراً من الكتب الأدبية التي تقررها الوزارة لأعلام الأدباء في مسابقة التوجيهية، كفيض الخاطر، ووحي الرسالة، ومطالعات في الكتب، والمختار، وإبراهيم الكاتب، وحديث عيسى بن هشام، والمنتخبات، وتحرير المرأة، والشوقيات، وديوان صبري وحافظ، وغيرها من أشهر المؤلفات. وكان يبدأ مقاله بمقدمة عن الكاتب، مشيراً إلى طريقته في التصوير والعرض. ثم يحلل أبواب الكتاب موجهاً الأنظار إلى نقطه الرئيسية وعناصره الهامة، ويختم بحثه بإرشادات للطلاب تهديهم إلى طريقة الانتفاع بالكتاب، وهو بذلك يفتح أمام الناشئة طرق البحث والاستيعاب، وقد كثرت خواطره الطريفة التي كتبها تحت عنوان (الحديث ذو شجون) ورأى فيها الناس فنا صادقاً يعرض خوالج الكاتب ونوازعه في صور مشرقة آخاذة، وينتقل بالعقول من موضوع إلى موضوع كما ينتقل الطائر من غصن إلى غصن، دون أن يجد القراء أثراً للسآمة والتكلف، بل كانوا ينعشون بنسيم هادئ يحمل عبير الرياض، ولو استمر الكاتب بموضعه في الرسالة لأسعد القراء بلطائفه الرقاق، ولكنه هجرها بعد سبعة أعوام، وكنت أسأل عن سبب هذه القطيعة بإلحاح، حتى وجدت الإجابة في ديوان (ألحان الخلود) إذ أعلن الدكتور أنه تضايق كثيراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>