وخفتت بعد محمد عبده دعوة الإصلاح في الشرق؛ وإن لمعت جذوتها حيناً في أفكار الشيخ مصطفى المراغي، رحمه الله، الذي كان يعمل للنهوض بالأزهر الحديث حتى يصل إلى مستوى الجامعات الكبرى في الشرق والغرب.
كما أضاءت الشعلة حيناً آخر في آراء الشيخ مصطفى عبد الرازق الذي كان يحرض على إحياء التعارف والتعاون بين المسلمين عامة.
ولكن هذه الآثار الضئيلة لم تكن على جانب كبير من الأهمية في الإصلاح الديني في الشعوب الإسلامية في القرن العشرين.
- ٣ -
على أن أخطر دعوة للإصلاح الديني في العصر الحاضر إنما تظهر الآن على يدي فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم الذي تولى منصب الإمامة الكبرى، والمشيخة العظمى، في الأزهر الشريف، منذ وقت قريب.
فمنذ أكثر من عشرين عاماً وفضيلة الأستاذ الأكبر يسهر على حماية التراث الإسلامي الخالد؛ ويجهر بالدعوة إلى إصلاح الأزهر إصلاحاً حقيقياً، وتمكينه من أداء رسالته؛ ويرى اقتران الإصلاح الديني في العالم الإسلامي بإصلاح الأزهر الشريف.
ومهمة الأزهر في رأي الأستاذ الأكبر جد خطيرة؛ فهي تشمل:(تعليم أبناء الأمة الإسلامية دينهم ولغة كتابهم، تعليماً قوياً مثمراً؛ يجعلهم حملة للشريعة، أئمة في الدين واللغة، حفاظاً حراساً لكتاب الله وسنة رسوله وتراث السلف الصالح والقيام بما أوجبه الله على الأمة من تبليغ دعوته؛ وإقامة حجته، ونشر دينه. . . فعلى رعاية هذين الجانبين يجب أن تقوم خطة الإصلاح في الأزهر، وأن يعمل العاملون على تحقيق آمال الأمة فيه).
ولذلك اتجه فضيلته بعزم قوي إلى إصلاح الأزهر إصلاحاً عاماً شاملاً. ومن كلماته في هذا الصدد:(وقد أخذت على عاتقي، وشرعت - والله المستعان - في توجيه هذه الجامعة الكبرى توجيهاً صالحاً).
ووسائل إصلاح هذه الجامعة الإسلامية العتيدة تتلخص في رأي الأستاذ الأكبر فيما يلي: