ولقد نجد أسماء خدمات اجتماعية تؤدى في زماننا ولا يعرف بعضنا لها نظيراً في النظم الإسلامية، ومثل هذه الخدمات في الأغلب موجودة في هذه النظم بالروح والجوهر وإن لم توجد بالاسم والسمات العصرية. وفي الوسع إذا درسنا الأصول والنظم التي وضع الإسلام أساسها، وإذا عرفنا الأشباه، وقسنا الأمور بنظائرها وانتفعنا بما لفقهاء المسلمين من تفصيلات مبينة واستدلالات صائبة وتفريعات منطقية، في الوسع عندئذ أن نقرر أن أنفع وأحدث ما استجد من فنون الخدمة الاجتماعية هو أصيل في الإسلام كل الأصالة.
يقول القرآن في اختصار:(إنما المؤمنون أخوة)(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) فتجمل كلتا الآيتين الوجيزتين أمهات مبادئ الخدمة الاجتماعية من تكافل ورفاه ورحمة ومعاونة شاملة.
ويؤكد الرسول هذا المعنى في لفظ قليل:(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) فلا يبقى في معرض الخدمات التي يبذلها المؤمن للمؤمن معنى من معاني الخدمة إلا تزاحم على عقل المتفكر
ومن كلام النبوة:(ابغوني الضعفاء فإنما ترزقون بضعفائكم) فلا يبقى ضعيف سواء في حاله أو بدنه أو في نفسه إلا ويتجه إليه كل مقتف أثر النبوة بالخدمة الاجتماعية بمعناها الرحيب، يتفقد حاله ويحفظ حقوقه ويحسن إليه ما وسعه الإحسان.
والمسلمون حين يتفهمون أصول الدين تتفطن طبائعهم لهذه الخدمة ومن الأمثلة أن النبي يقول:(الدين النصيحة) فيقول بعض أصحابه: لمن؟ فيقول:(لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) فيرى أحد الشراح أن نصيحة عامة المسلمين تنتظم (تعليمهم ما يجهلون من دينهم وعونهم عليه بالقول وبالفعل وستر عوراتهم وسد خلاتهم ودفع المضار عنهم، وجلب المنافع، إليهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، برفق وإخلاص والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم وتخولهم بالموعظة الحسنة وترك غشهم وحسدهم وأن يحب المرء لهم ما يحب لنفسه من الخير ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه، والذب عن أموالهم وأعراضهم وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل، وحثهم على التخلق بجميع ما ذكرناه من أنواع النصيحة وتنشيط هممهم إلى الطاعات. . . الخ).
وسير كثير من الشخصيات الإسلامية تملأ من الناحية الاجتماعية صحائف تنطق بأنهم