لك حول هذا المعنى في هذه الأيام. فهل من المحال أن يكون الأديب أو الشاعر قديراً ناجحاً ما دام منطوياً عل نفسه بعيداً عن دنيا الناس؟ وهل الكتب لا تكفي ولا يمكن لأن تكفي ليكون الإنسان مثقفاً كما يقول الدكتور مندور؟
إذا كانت هذه هي الحقيقة فيا لمرارتها ويا لقسوة المقادير ويا لظلم التقاليد!. إذا كانت هي الحقيقة فسلام علي وفي ذمة الله آمالي وأحلامي ومستقبلي الأدبي لقد حلمت به السنين الطوال!
إن رجائي الحار هو أن تجيب عن هذين السؤالين على صفحات مجلتي الحبيبة (الرسالة) ولست أدري لماذا أشعر شعوراً قوياً أنك لن تخيب رجائي ولن تهمل الرد علي.
شاعرة حائرة
إنسانة فنانه، وشاعرة حائرة. . . وكلمات أحس فيها لوعة القلب وألمس حيرة القلم، وأكاد أشم رائحة الدموع! وأعود بذاكرتي إلى الوراء وأستعرض ما قرأت من شعر على صفحات الجرائد اليومية، عسى أن أضع يدي على مفتاح هذه الشخصية المجهولة التي تعرض على قضيتها في انتظار الجواب. . . وقد يسأل سائل عن سر هذا الاهتمام فأقول له: أنه شغف الملكة الناقدة بتتبع سير الحياة الأدبية، والكشف عن ظواهر هذه الحياة، والربط بين شخصية الكاتب وما كتب!
وأقف في الذاكرة طويلاً عند صحيفة من صحف المساء، لأسترجع عن طريق التمثل الفكري بعض ما كنت أقرأ فيها من شعر لآنسة مجهولة. . لآنسة كانت ترمز إلى شخصيتها بالحروف الأولى من أسمها ولا تزيد! لماذا لا تفصح عن أسمها صاحبة هذا الشعر؟ لماذا أحس في روحها هذه التهويمات التي يئن فيها النبض وتختنق العاطفة؟ لماذا تهب علي من شعرها رائحة الفن السجين؟ أسئلة لم أكن أجد لها غير جواب واحد أطمئن إليه، هو أن صاحبة هذا الشعر إنسانة منطوية على نفسها قد فرضت عليها التقاليد أن تبتعد عن الحياة!.
وكم قلت لنفسي: هنا أقباس من وهج الشاعرية ولكن لماذا تطل من تحت الرماد؟ وهنا جناح يملك القدرة على التحليق ولكن لماذا تحد الرياح من رفاته؟ وهنا روح تود أن تنطلق، ولكن لماذا المح في انطلاقها أثر القيود والأصفاد؟! هذه الخواطر التي كانت تجيش