كتب الأستاذ عبد اللطيف شرارة بالعدد الأخير من مجلة (الأديب) اللبنانية، بعنوان (قربان الأغاني) نبه فيها على تقصير أدباء العرب في دراسة طاغور وترجمة آثاره، وذكر بعض ما ترجم منها إلى العربية ثم قال:(ولكن أحداً من أدباء العرب المعاصرين لم يفكر في نقل ديوانه الأعظم (قربان الأغاني) الذي سما فيه طاغور إلى أعلى ذروة يستطيع أن يبلغها شاعر، إن في الحس المرهف، وإن في الحكمة الصافية، وإن في روعة التعبيرعن أغرب الأجواء الروحية والصوفية. دام الأمر كذلك إلى أن جاء الأب يوحنا قمير - وهو من عني بفلاسفة العرب) ومفكريهم فسد ذلك الفراغ ونقل (قربان الأغاني) إلى لسان العرب
وأذكر أن الأستاذ كامل محمود حبيب نقل ذلك الديوان إلى العربية من نحو اثنتي عشرة سنة، ونشرته (الرسالة) تباعاً ابتداء من العدد (٢٣٠) الصادر في ٢٩ نوفمبر سنة ١٩٢٧ بعنوان: (جيتا نجالي) وقدمت له الرسالة بما يلي:
(جيتا نجالي كلمة هندية بنغالية معناها القرابين الغنائية وهي أناشيد صوفية تبلغ ١٠٣ نشيد نظمها طاغور في البنغالية ثم نقلها بنفسه إلى الإنجليزية، وشهرتها في الأدب العالمي كشهرة رباعيات الخيام. وهي تمثل الروح الغالبة على فلسفة طاغور من جهة، والطبيعة المميزة للبوذية من جهة أخرى. وسننشرها كلها مترجمة بقلم الأستاذ كامل محمود حبيب).
وقد أتاح لي ذلك فرصة سعيدة، إذ رجعت إلى مجموعتي من الرسالة، ونعمت وقتاً بقراءة هذه الأناشيد الروحية العالية، وأقطف للقارئ أولها فيما يلي:
(أنت خلقتني أبدياً، تلك مشيئتك. هذا الحطام الفاني - جسمي - أنت تفرقه مرة ومرة ثم تملؤه بالحياة الغضة. هذا الناي الصغير أنت علوت به وهبطت؛ ثم وقعت عليه أنغاماً سحرية خالدة، وحين لمست يداك قلبي الضعيف لمسة إلهية، شاع فيه السرور وانبعث منه لحت أخاذ، وبين يديّ الضعيفتين استقبلت آلاءك العظيمة، والأعوام تتصرم وأنت ما تزال تحبوني وفي قلبي شوق وطمع).
وقد ترجم الأستاذ كامل لطاغور، غير ذلك، ديوان (البستاني) ونشر تباعاً في المقتطف سنة ١٩٤٠ ثم جمع في كتاب، وترجم له كذلك (قطف الثمار) ونشر أيضاً في المقتطف سنة