لعدة أسباب كلها مستمدة من طبيعة النظام المحافظ الذي يعيش عليه المجتمع السعودي.
وقد احتاط واضعو الميثاق خلال نقاش دام عامين ونصف العام لتدعيم الميثاق بدعائم عملية فأوصوا بإنشاء محكمة دولية للنظر في شكاوى الأفراد ضد الذين يعتدون على حقوقهم سواء كان المعتدون الدول التي يعيشون في ظلها أم دول أجنبية كما هو الحال في المستعمرات والمحميات. وفي الميثاق - ميثاق حقوق الإنسان - نص صريح يعطي الأفراد في المستعمرات والمحميات والمنتدبات في سائر أنحاء المعمورة دون تفرقة في اللون أو العنصر أو المذهب، الحق في رفع مظالمهم إلى المحكمة الدولية إذا وجدوا أن الدول الحاكمة جائرة على حقوقهم الشخصية منتهكة لأسسها ظاهراً أو باطناً. والواقع أن الميثاق الجديد يكرر كثيراً الحقوق التي نصت عليها الدساتير الحرة القديمة والمعاصرة، ولكن في هذا الميثاق العالمي ناحية مستحدثة مستمدة من التطور الذي ألم بالتفكير المعاصر، هذه الناحية هي حماية حقوق الفرد الاقتصادية بالإضافة إلى حماية حقوقه السياسية.
هذه الحقوق الاقتصادية تقر بأن الإنسان خلق حراً له من الحقوق ما لجميع إخوانه في الإنسانية لا يحول بينه وبين هذه المساواة لون أو عنصر أو محتد أو مذهب أو عقيدة فكرية، وأن له مساواة مطلقة في الإمكانيات الاقتصادية يرعاها له القانون ويثبتها له بمجرد كونه إنساناً يعيش. والميثاق الجديد لا يحاول أن يتخذ من الفرد مادة ليصنع منها دولة قوية أو حكومة مطلقة السيادة حرة التصرف في شؤونه سواء كان التصرف متمشياً مع حرية الفرد غير ماس بحقوقه أم كان مخالفا لها كما هو الحال في الدول الدكتاتورية.
الميثاق الجديد إذن لا يتخذ الإنسان مادة تبنى بها الدولة، بل يعترف للفرد بحرية الرأي والتفكير والتعبير تحت أي نظام وفي وجه أي سلطة. والميثاق يتخطى حدود الدولة إلى مرجع دولي أعلى، أحكامه وقراراته تقيد الأمم المتحدة بالتزامات قانونية وأدبية وترغمها على رفع الضيم وإزالة المظلمة. وتدرس لايك سكسس الآن الخطوات العملية لإنشاء هذه المحكمة العليا بعد أن تقر برلمانات الدول المشتركة في هيئة الأمم حقوق الإنسان هذا ليصبح فرعاً من القانون الدولي له سلطة راسخة في أسس النظام العالمي. قلت أن الأمم المتحدة في الجمعية العمومية بباريس وافقت على هذا الميثاق باستثناء روسيا وحلفائها من