ينكص عن محاربة بعض أعدائه وأعدائهم لأن لهم في الحروب عجلات قوية فهو يتركهم وشأنهم معهم، ولا يخوض معهم في حربهم خوفاً من هذه العربات. . . إلى غير ذلك من الفروض المستحيلة التي لا يستطيع العقل أن يحتفظ بوحدته معها، ويكاد ينسحق تحت وطأتها. وكنت أود أن أدلي بتفصيل شاف للقراء في هذا الموضوع وغيره مما ألمحت إليه هنا نولاً ضيق المقام وربما قدمت هذا البيان قريباً في كتابي (أصول الزندقة وتطورها).
ولقد آن لنا أن ننظر إلى قدماء حكام مصر في موقفهم إزاء قدماء الإسرائيليين نظرة ترضي الدين ولا تغضب الحقيقة ولست داعياً إلى ذلك عن عصبية للوطن ولا استخفاف بالدين بل عن رغبة في العدل ومتابعة أحكام العقل، وحسبنا التهم الباطلة التي ألصقتها اليهود بالمصريين منذ آلاف السنين ونقلتها عنهم الأمم الأخرى - حتى العرب - دون تمحيص، وأنا أدعو إلى ذلك عائذاً بالله من شر كل هوى أعمى يدفعني إلى ما يثلم عقيدتي، ويضلني عن الحق.
هذا وفي الكتاب عشرات المآخذ نكتفي منها بما أوردناه ونسكت عن بقيتها فلا نذكرها إجمالاً ولا تفصيلا.
أما بعد فدار الفكر العربي طابعة هذا الكتاب هي وغيرها من دور النشر، شديدة الضن بمالها وجهدها على المؤلفين الكادحين، وكنا نربأ بدار الفكر أن تنشر هذا الكتاب، فإن تكن غايتها الربح وحده ففي نشر (ألف ليلة) وأمثاله ما يكفل لها ربحاً أكبر، وإن كانت تهدف إلى خدمة الدين إرضاء للعامة ففي نشر (دلائل الخيرات وأمثاله) ما يكفل لها ربح رضاهم ومالهم أيضاً، ولقد آن للهازلين أن يجدوا، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.