في الكتب الإسلامية قصص يسميها العلماء (الإسرائيليات) يدور أكثرها حول موسى خاصة وبني إسرائيل عامة، ولقد حذر (الفاهمون الغير من العلماء) من التورط في تصديق هذه (الأساطير) التي دسها (الإسرائيليون) في (الإسلاميات) رغبة العبث والضلال، ورواها عنهم بعض (الطيبين) من علمائنا، أو نحلها إياهم هؤلاء (الإسرائيليون) ثم نقلها الخلف عن السلف بأسانيدها أو بغيرها بنية (سليمة) ضرورة أن في القرآن آيات تتضمن قصصاً لابد من تفسيرها، ولم يكن لأحد الجرأة على الخوض في تفسيرها بالحق حيناً وبالباطل أحياناً، إلا علماء (يهود) الذين عندهم علم (كل) شيء كان وكل شيء (سيكون) فما من أمر في السماء وفي الأرض حدث أو سيحدث إلا وفي (ثوراتهم) ذكره ووصفه وميقاته وكل ما يتصل به لا مجملاً بل مفصلاً أوضح تفصيل وأدقه، ولا ريب أن من القراء من أتاهم نبأ (الإسرائيلي) الذي حدث عمر بن الخطاب فعل مقتله بثلاثة أيام بأن وصفه وأخلاقه وملبسه، بل يوم موته بالتحديد مدون في (التوراة). وإذن فلا ريب أن هذه التوراة قد أحصت كل شيء علماً، وأحاطت به خبراً، وأنها صورة من علم الله.
وهذا الكتاب قد حشرت له (الإسرائيليات) حشراً لم يترك منها فيما يتصل بهذا الموضوع حتى ما لم توح به نصوص القرآن ولا يرتضيه عقل مستقيم ولا يقبله ذوق مهذب. وإليك مثلاً من عشرات وقعت في الكتاب وصف الله فيها بصفات (توراتية) معاذ الله فالذي وصف فيها هو (يهوه رب الجنود) كما يسمي اليهود إلههم ويلقبونه. في هذا المثل ترى (يهوه رب الجنود) في أقصى جنونه الوحشي يدبر المكايد، ويتجنى على (الضعفاء) الذنوب ويدفع بفرعون دفعاً إلى الكفر والعناد ثم ينتقم منه أبشع انتقام ويشمت به أقبح شماتة: هذه مؤامرة يشترك فيها (رب الجنود) مع جبريل وميكائيل ضد فرعون الذي وقف مع جيشه على شاطئ البحر متردداً في اقتحامه خلف الإسرائيليين الهاربين من وجهه، ووزيره هامان ينصحه بالإحجام فيرسل (رب الجنود) جبريل أمامهم يغريهم، وميكائيل من خلفهم يرفعهم، ويحسنان لهم عبور البحر، ويوقظان فيهم شهوة النكال بموسى، ثم لم يكتفوا بذلك، فامتطى (جبريل فرساً أتاناً عريضة الكفل حسنة المنظر (تأمل هذين الوصفين) فتقدم بها جواد فرعون الفاره وضرب فرسه فتحركت أمامه وجرت تخايله فأندفع جواد فرعون (كذا) وتدافع قومه بعده بخيلهم ورجلهم) ص ٨٩ وأتاه جبريل - وهو يشرف على الغرق