للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا ساكني مصر إنا لا نزال على ... عهد الوفاء - وإن غبنا - مقيمينا

هلا بعثتم لنا من ماء نهركم ... شيئاً نبل به أحشاء صادينا

كل المناهل بعد النيل آسنة ... ما أبعد النيل إلا عن أمانينا

فأجابه حافظ بتلك الزفرة الصادقة:

عجبت للنيل يدري أن بلبله ... صادٍ ويسقى ربي مصر ويسقينا

والله ما طاب للأصحاب مورده ... ولا ارتضوا بعدكم من عيشهم لينا

لم تنأ عنه وإن فارقت شاطئه ... وقد نأينا، وإن كنا مقيمينا!

ألا رحم الله الشاعرين الكبيرين، فقد نأيا عنا بجسمهما، ولكنهما بيننا ملء السمْع والبصر بروحهما وبفنهما، وكم بيننا من الحاضرين بأجسامهم، ولكنهم في الغائبين النائين. . .

(الجاحظ)

أنوار الجحيم

من عذيري من الهوى والتصابي ... بعد ما أبلت الغواني شبابي؟

إنني اليوم بين أهلي غريب ... لم أجد لي مواسياً في مصابي

كلما أترع الأسى لي كأساً ... قلت حسبي ما ذقته من عذاب

خطرات في شرة وعرام ... تتنزى. . . قد حطمت أعصابي

هي كالنار في الهشيم. . . وكالإء - عصار يجتاح ناضرات الروابي!

غادة تأسر النفوس بدل ... مستبد على النهى غلاب

عشت في ظلها الظليل وأفضت ... بي إليها يوماً مطايا الرغاب

وترشفت من لماها رحيقاً ... قدسياً ما صب في أكواب

أين منه م أحرزته بنات النـ ... حل أو ما عصرت من أعناب؟

ورأيت الجمال فيها يغنى ... وغناء الجمال أصداء غاب

توقظ المغفيات من ذكرياتي ... وتغشى وجوهها بالضباب

في الضحى والمساء أزجى إليها ... صلوات العبيد للأرباب

كطيور قد حلقت. . . تتناجى ... بأغاريدها الرقاق العذاب!

<<  <  ج:
ص:  >  >>