يناهض الاستعمار) الذي بين فيه أن سقوط أمم الشرق في يد الغرب جعل الناس يشعرون أن الحرب الحقيقية بين المستعمَرين والمستعمرين بدأت بدخول الأجانب بلادهم، لا أنها انتهت بدخولهم، فكان الأدب هو وحده المعبر عن شعورهم، ثم بين اتجاه البارودي في شعره إلى مسائل عامة يعرض فيها قضية الوطن واستثارة الهمم، وكذلك شوقي وحافظ اللذان أذكت زيادة الوعي القومي في عصرهما حرارة الوطنية في شعرهما، وكان يناهض الاحتلال إلى جانبهما شعراء آخرون أمثال أحمد الكاشف وأحمد محرم وأحمد نسيم ومحمد عبد المطلب ومحمد الهراوي.
ذكرنا ذلك بما يلاحظ على شعرائنا الأحياء من ضآلة نصيبهم في ذلك المضمار وقعودهم عن مكافحة الاستعمار، وخصوصاً في هذه الآونة التي استفحلت فيها المنازعات بيننا وبين المستعمرين، وبلغ فيها الوعي القومي مبلغاً كبيراً.
فهل ترجع قلة محصول شعرائنا في هذا الميدان إلى قصور شاعرياتهم، أو ترجع إلى أن الشعر يتجه، في آخر اتجاهاته، اتجاهاً غنائياً، فلا يحفل بحماس الوطنية ولا بمشاكل السياسة؟؟
سفير عربي:
حدثنا الأستاذ محمود تيمور بك عن زيارته لدار الكتب الأهلية في نيويورك في أثناء رحلته إلى أمريكا في العام الماضي، قال يصف تلك الدار:(إنها مبنى عظيم يحتوي على حجر رحبة وقاعات فسيحة، وقد حجبت أرجاءها فاستهوتني تلك الطرافة والتجديد في كل ركن، وذلك التيسير وسرعة الإفادة في كل موضوع، وزهاني أن تقع عيني هنالك على قسم عربي ملحوظ الجانب بين سواه من الأقسام، هذا سفير الشرق العربي يتربع هنا في مهابة وإجلال. . . ألا تراه اعز مكانة واحمد أثراً من مقاعد تعد للشرق في هيأت الأمم ومجلس الأمن أو غيرهما من هيئات السياسة والشئون العالمية ومجامع الشرف والتكريم؟).
والأستاذ تيمور يعمل في تأليف كتاب عن هذه الرحلة اسمه (أبو الهول يطير) يفرغ منه قريباً.