الصين إلى مناطق ثلاث؛ فالمنطقة الأولى أزالوا منها كل وسائل الإنتاج وجميع المصانع حتى لا تقع في أيدي الأعداء، وخصصوا المنطقة الثانية لقيام بعض الصناعات الخفيفة التي يمكن نقلها بسهولة وسرعة إذا حدث ما يستدعي ذلك. أما المنطقة الثالثة - وهي في وسط الصين حيث تكون بعيدة عن متناول الأعداء - فقد تركزت فيها كل الثروة الصناعية لإنتاج ضروريات الحرب. وقد نتج عن ذلك التنظيم الجديد لمواجهة حاجات الحرب وأخطارها أن انضم كثير من المصانع بعضها لبعض واندمجت معاً وبذلك أمكن إيجاد تعاونيات لصنع الملابس الصوفية والزجاج ودبغ الجلود وتكرير السكر والطباعة وغير ذلك. ولما كانت الصين تنقصها الأيدي العاملة وخاصة بسبب الحرب التي تستنفذ معظم العمال المدربين فإن الصناعة الآن تعود على المهاجرين المدنيين وعلى الجنود الجرحى؛ ولا شك أن هؤلاء تنقصهم الخبرة والدربة ولذلك بنيت مدارس تعاونية لتمرينهم على العمل، كما أنشئت لهم وحدات علاجية تعاونية؛ بل وأفضل من ذلك إنشاء مدارس تعاونية لتعليم أطفالهم على نفقة أصحاب المصانع. وهكذا تنتهي الكاتبة إلى أن هذه الحركة التي أظهرتها ضرورة مواجهة أخطار الحرب قد عادت على الصين بخير عميم، وهي ترى أن هذه الحركة سوف تؤدي في نهاية الأمر - إن لم تتدخل الحكومة فيها وإن لم تدب الخلافات ويستبد الطمع مرة أخرى بأصحاب المصانع - إلى نوع من الاشتراكية الصحيحة الصالحة.
ولكن مهما يكن من أمر التقدم الصناعي في الصين ومستقبله، فإن مشكلة الصين الأساسية لا تزال - ولن تزال - تنحصر في الميدان الزراعي. فالصين بلد زراعي قبل كل شيء، وسوف تظل هكذا أبداً، والصينيون أنفسهم يعرفون ذلك، ولذا ظهرت حركة جديدة قوية هي بمثابة رد فعل لانصراف الناس إلى الاشتغال بصناعة الحرب، وهي تدعو إلى العودة إلى الأرض التي تقوم فيها حياة الصين كلها. والحكومة ذاتها لا تألو جهداً في العمل على تحسين حال الزراعة وحال الفلاح؛ وهي تنفق في ذلك عن سخاء حتى في أيام الحرب؛ وترجو أن يعود عليها ذلك بالخير. وقد أنشأت الحكومة مدارس زراعية تجريبية ومحطات للبحث - بلغ عددها الآن خمساً وعشرين مدرسة ومحطة - وكل غرضها هو إقامة التجارب لتحسين إنتاج الأرز والقمح والشعير وحفظها من الأوبئة والآفات. كذلك تعمل