الشباب ليعوقوهم عن بلوغ الأمد المحتوم، والأمد المحتوم الذي سيبلغه الشباب الأزهريون ولا شك هو أن يتعلموا ليعيشوا ما دام الإسلام لا يتبنى الرهبان ولا يتبنى الأديرة. وقد أخذوا، منذ نقل الأستاذ المراغي طيب الله ذكره صورة النظام الجامعي إلى الأزهر، يفكرون في مصيرهم بعد العالمية والتخصص، وفي موقفهم من دار العلوم وكلية الآداب، ويقولون لا نفسهم حينا وللناس حينا آخر: نحن خمسة عشر ألفاً من شباب الأمة أو نزيد، فينا مواهب وعلينا تكاليف ولنا مستقبل؛ فلم نتعلم إذا قضي علينا ألا نعمل؟ وكيف تنفق أموال الدولة على معاهد قصارى أمرها أن تخرج في كل عام قوما متبطلين لا هم لأنفسهم ولا لله ولا للوطن؟ وإذا كان تعليمنا على هذا المنهج الخاص لا يؤهلنا لاكتساب الرزق إلا من تعليم الدين واللغة في المدارس، فما غاية الحكومة إذن من قيام هذه المعاهد التي تنافسنا في الحرفة وتخاصمنا على القوت؟ وإذا كان تخلف الأزهر في عهد إسماعيل قد اضطر على مبارك باشا إلى إنشاء (دار العلوم) فما الضرورة الملجئة اليوم إلى بقائها والأزهر جامعة والدرس مستقصى والمدرس مختص؟ ولكن الدرعميين والجامعيين في الجهة الأخرى يجيبون على هذه النجوى أو الشكوى بأن الإعداد مختلف والتحصيل متفاوت، وما تستوي الفوضى والنظام ولا النقص والتمام ولا التقليد والأصالة. ووقف الفريقان يتلاحيان، رأياً إزاء رأي، واضطراباً وراء اضطراب، واحتجاجا اثر احتجاج، ومن هنا نشأت المشكلة بين المعاهد وأعضلت. وجهدت مشيخة الأزهر ووزارة المعارف جهدهما أن تعالجها بالدواء المسكن لا بالطباب الحاسم، فكانت كالثوب المتداعي كلما رتق من جانب تفتق من جانب آخر.
لذلك نتقدم اليوم إلى هاتين الجهتين باقتراح نرجو إذا خلصت النيات
وصدقت العزائم، أن يكون مقطع الحق في فض الخلاف وإصلاح
الأزهر.
ذلك الاقتراح هو:
١ - أن يلغي التعليم الابتدائي من جميع المعاهد الدينية ليلقي بمقاليده إلى وزارة المعارف، تلزمه وتقسمه وتعممه على الوجه الذي تراه. وذلك بدء الوحدة الثقافية بين أبناء الأمة
٢ - أن تجعل المعاهد الدينية في القاهرة وفي الأقاليم مدارس ثانوية يدخلها حاملو الشهادة