ولهذا وددنا لو خلت الرواية من صفحتين أو ثلاث لا يضطرنا السياق إلى إثباتها، وإن ذلك لخليق بالكاتب المتحرج الذي وصل إلى الفتنة فدق للنجاة منها جرس التلفون. . . لكيلا يسمح لغريزته أن تنطلق إلى مداها.
على أن صديقنا الأستاذ كما أسلفنا متردد بين عتبة الصومعة وعتبة الحياة، ولم يزل متردداً بين العتبتين من الصفحة الأولى إلى الصفحة الأخيرة.
ففي هذه الصفحة الأخيرة يقول عن راهب الفكر:(أما هو فقد رجع إلى عاداته السابقة. . . يفض رسائل قرائه في الصباح باسم الثغر هادئ الأعصاب. وإذا هو بعد زمن قليل قد رقعت في يده رسالة بين البريد ارتجف لها: إنها من امرأة تسأله أن يحدد موعداً للقائها لأنها تريد أن تحادثه في شأن الأدب والفكر!. فصاح في نفسه: لا. لا. كفى. . . ألم يعرفهن؟. .
وضغطت أصابعه على الرسالة يردي أن يمزقها. . .)
هكذا كتب الأستاذ توفيق في الأسطر الأخيرة من الصفحة الأخيرة عدا سطرين اثنين
ولو ختم الرواية بعد ما تقدم لأحجم الأدبيات عن سؤاله وعلمن أن التمزيق العاجل نصيب تلك الرسائل التي يكتبها إليه. . .
وهو يريد ولا يريد.
وهو يتردد بين الصومعة والحياة
ولهذا اتكل على الله وختم الرواية معتصماً بالشجاعة فقال أن (الشجاعة ليست في تجنب مزالق الجسد وتحاشي مواطن الزلل. بل في مواجهتها بمصباح الحقائق ونور المثل العليا)
ومصباح الحقائق إذن هو الكفيل بانتظام البريد في مجراه، وليكتب إذن من يكتب فإن راهب الفكر شجاع!