كتب الأديب راشد سليمان تحت هذا العنوان في عدد ٥٩٨ من الرسالة ينكر على الرصافى قولة أن أبا حنيفة يجير قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة، ويطلب منة نصاً يؤيد ما قاله وأنا بذكر هذا النص فأقول: في كتاب التلويح والتوضيح لصدر الشريعة، بعد كلام طويل في تقسيم اللفظ بالنسبة للمعنى (وقد روى عن أبى حنيفة انه لم يجعل النظم لازمناً في جواز الصلاة خاصة، بل اعتبر المعنى فقط حتى لو قرأ بغير العربية في الصلاة من غير عذر جازت الصلاة عنده، وإنما قال خاصة لأنه جعله لازماً في غير جواز الصلاة لقراءة الجنب والخائض حتى لو قرأ آية بالفارسية يجوز لأنه ليس بقرآن لعدم النظم).
وفي بحث في ترجمة القرآن للإمام الماغي شيخ الجامع الأزهر:(قال الصدر الشهير في شرح الجامع الصغير: وهذا تنصيص على أن من يقرأ القرآن بالفارسية لا تفسد صلاته بالإجماع). وقال شارح الهداية:(والخلاف في الاعتداد ولا خلاف في أنه لا فساد). وقال الزيلعي في شرح الكنز:(ولا خلاف في الفساد حتى إذا قرأ معه بالعربية قدر ما تجوز به الصلاة جازت صلاته). وقال أبو اليسر:(والجواز عند العجز بالفارسية نص على أن القرآن بها لا تفسد الصلاة إنما الشأن في جواز الصلاة بها (كذا في جامع قاضيخان).
وقد تبين من هذا أن أبا حنيفة يجوز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة ولو بغير عذر. وإما الصاحبان فلا يجوز أنها ألا إذا عجز عن العربية لأن القرآن أسم لمنظوم عربي بقوله تعالى:(أنا جعلناه قرأناً عربيا) والمراد نظمه. ولم يكن فيه بهذه اللغة، وقوله تعالى:(إن الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى) وصحف إبراهيم كانت بالسريانية، وصحف موسى بالعبرانية فدل على كون ذلك قرأناً.