سلامة لغتهم واستقامة لسانهم تبعة عظيمة توجب على كل عربي أن يقوم بقسط من ذلك يتفق وحدود طاقته ومركزه الاجتماعي.
٣ - مزايا اللغة العربية في الناحية القانونية
إذا كانت لهذا المؤتمر العربي (المؤتمر الأول للمحامين العرب) أهداف قومية كثيرة، فلاشك في أن سلامة اللغة القانونية، والعمل على توحيدها هما في أول تلك الأهداف الجليلة
ويجدر بالمؤتمرين أن يقروا، قبل كل شيء بأن اللغة العربية في أول اللغات الحية صلاحية لأن تكون (لغة قانون محكمة) لأنها تتمتع بمزايا عظيمة، يندر أن تمتع لغة غيرها بمثلها، وأهم هذه المزايا من (الناحية القانونية): السعة والدقة، وهاتان المزيتان لا يشك فيهما مطلع على كتب فقه الشريعة من جهة، وفقه اللغة من جهة أخرى.
٤ - اللغة (القانونية) في البلاد العربية
ظلت اللغة العربية، لغة التشريع والقضاء والفقه، إلى أن دالت دولة العرب، فأخذت اللغات الأعجمية تتسرب إلى الإدارة والسياسة، وما أن قامت دول المحاربين الأعاجم، حتى أصبحت لغتهم لغة الفضاء، بينما ظلت لغة الفقه عربية مستمدة من أم التشريع الإسلامي العربي المبين، فلما أحبت الدولة العثمانية أن تقتدي بأوربة في التشريع والتقنين، أخذت تترجم القوانين الغربية إلى اللغة التركية، لغة الدولة الرسمية ولغة القضاء فيها، فغدا القانون في البلاد العربية قانونا أجنبيا كتب بلغة أجنبية، ويحكم به في الغالب قاض غير عربي، وقد أحدث هذا التيار فقها قانونيا جديدا في البلاد العثمانية أخذ عن أوربا باللغة التركية، وبه انقطعت الصلة بين فقه القانون وفقه الشريعة العربي، إلا من ناحية الأحوال الشخصية وبعض النواحي المدنية الأخرى
ثم أخذ المشتغلون بالقانون من أبناء العرب بنقل القوانين الجديدة إلى اللغة العربية، فلم يوفق بعضهم في ذلك، فتداول الناس القوانين العثمانية بلغة عربية، ولكنها لغة هزيلة، شاعت فيها الركاكة وامتلأت بالتعابير الضعيفة، وأدخلت على العربية ألفاظاً أعجمية كثيرة، ما زالت تعيش إلى يومنا هذا في بعض الأقطار العربية