الشوارع في المسجد إلا باب أبي بكر؛ فإني لا أعلم امرأ أفضل في الصحابة من بكر)
واسمعوا إليه يأمر أن يصلي بالناس أبو بكر، فتراجعه عائشة في ذلك، متذرعة بشتى الحجج، مشيرة أن يصلي بالناس عمر، فيغضب رسول الله ويذكر صواحب يوسف! ويصلي بالناس أبو بكر. فإذا سئلت عائشة بعد عن سبب مراجعتها رسول الله قالت:(وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلاً قام مقامه أبداً. ولا كنت أرى أنه لن يقوم أحد مقامه إلا تشاءم الناس به، فأردت أن يعدل ذلك رسول الله عن أبي بكر!)
وهذا هو أبو بكر يصلي بالمؤمنين الصبح في هدأة الفجر. . . وهذا هو رسول الله قد خرج عاصباً رأسه لينظر إلى أمته وليفرح بها واقفة بين يدي الله فيتفرج المصلون ليمر رسول الله وقد أوشكوا أن يفتتنوا من الفرح بفخر الكائنات، فيعرف أبو بكر أن الناس لم يفعلوا ذلك ولا يصح أن يفعلوه إلا لرسول الله فينكص عن مصلاه، فيدفع رسول الله في ظهره ويقول: صلَ بالناس، ويجلس إلى جنبه فيصلي عن يمين أبي بكر، فإذا قضيت الصلاة أقبل رسول الله على الناس رافعاً صوته وهو يقول: أيها الناس سعرت النار وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، وإني والله ما تمسكون علىّ بشيء، إني لم أحل إلا ما أحل القرآن ولم أحرم إلا ما حرم القرآن)، ويفرح المسلمون بصحة وهموها في رسول الله، ويفرح معهم أبو بكر، ويستأذن أن يلحق أهله بالسنح. فاليوم يوم بنت خارجة!)
إلا أن واحداً من المؤمنين فحسب لا تخدعه صحوة الموت في أمر رسول الله! ذلك هو ابن عباس الذي يقول لعلي وقد فرح بشفاء محمد:(والله لأرى رسول الله (ص) سوف يتوفى من وجعه هذا. إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت)
وعاد رسول الله إلى بيت عائشة فاضطجع بين سحرها ونحرها. . . (ودخل عبد الرحمن بن أم رومان، أخي، وفي يده سواك رطب، وكان رسول الله (ص) مولعا بالسواك، فرأيته يشخص بصره إليه، فقلت يا عبد الرحمن اقضم السواك فناولنيه فمضغته ثم أدخلته في فم رسول الله فجمع بين ريقي وريقه)
وأخذت عائشة تعوذه بعد ذلك بدعاء كان من عادتها أن تعوذه بها إذا مرض. لكن رسول الله رفع رأسه إلى السماء وقال: