وذكر قصة رجل من الصين أقام سنة بحضرة محمد بن زكريا الرازي يتعلم العربية وفنونها؛ ثم أزمع الرجوع إلى بلده، فجاء قبيل سفره يستملي الرازي كتب جالينوس الستة عشر. وكان لضيق وقته يكتب بالمجموع، فلا تكاد يد المملي تجاري لسانه سرعة وانطلاقاُ! وقد زعم الأستاذ (أن الإنسان الذكي السريع الأخذ والتلقين لا يمكنه أن يتعلم ذلك في أقل من عشرين سنة)
وذكر ابن النديم في موضع آخر أن للروم قلماً يعرف بالساميا، يحيط الحرف الواحد منه بالمعاني الكثيرة. قال:(وجاءنا من بعلبك في سنة ثمان وأربعين - يعني بعد الثلاثمائة - رجل متطبب زعم أنه يكتب بالساميا، فجر بنا عليه ما قال فأصبناه إذا تكلمنا بعشر كلمات أصغي إليها، ثم كتب كلمة، فاستعدناها فأعادها بألفاظنا)
وهكذا نرى أن القدماء من أهل الأمم المتحضرة لم يسبقوا في زمنهم، بأكثر مما سبقونا في دقة تفكيرهم وبراعة مخترعاتهم.
(جرجا)
محمود عزت عرفة
تنبيه لغوي
الفعل ساح يسيح سيحا وسياحة أي ضرب في الأرض، ومنه قوله تعالى في سورة التوبة (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي وان الله مخزي الكافرين) وليس من الصواب (نسوح بين بقايا القاهرة التاريخية. فعين هذا الفعل بائية قطعاً من غير خلاف. وقد نبه اليازجي إلى ذلك من زمن طويل
وبناء على هذا نقول مثلاً: إن المستر وندل ويلكي والأمريكي من السياح لا من السواح، كما يقول العوام.