ظهرت الطبعة الثانية من كتاب قصص القرآن لبعض الأفاضل من المدرسين بقيادة الأستاذ الأكرم محمد أحمد جاد المولى بك. وقد أُهدي إلي فقرأته فأعجبت به إعجاباً شديداً وحمدت لهؤلاء الأخوان عاطفتهم النبيلة التي حدت بهم إلى إبراز مثل هذا السفر. وأي عمل أنبل من تحبيب القراء - والناشئين منهم خاصة - في قصص الرسل الكرام. وقصص غيرهم ممن ذكرهم القرآن للعبرة والموعظة؟
لقد وفق الكرام الكاتبون في عرض كل قصة مستقلة غير مفرقة، وحالفهم النجاح في معظم القصص من حيث طريقة العرض ومن حيث الأسلوب العربي الخالي من شوائب العجمة، والدقة في العبارات، وتحري الصواب والمعقول من آراء المفسرين وذلك جدير بمن كان مثل الأستاذين علماً وفضلاً وخلقاً
غير أني أرى في الكتاب مآخذ لا تؤثر كثيراً في قيمته وأثره. ومن ذلك أنه خال من مصور تبين الأماكن التي وردت في القصص، ومقدمته خالية من آراء المستشرقين في قصص القرآن، مع أن جاد المولى بك عليم بما في هذه الآراء الغربية من مغالطات، فلِمَ لم يرد عليها وهو خير من يستطيع ذلك؟ وقد خلت المقدمة من ذكر الغاية التي من أجلها وردت في القرآن أنباء الرسل، وهي تثبيت فؤاد النبي، لتكون له أسوة حسنة في إخوانه من رسل الله:(وكلاًّ نقص عليه من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك). ومما بدا لي فيه أن القصة قد تذكر في أكثر من سورة فيكتفي من ذلك بسورة واحدة في الذيل، مثل قصة سيدنا صالح
هذه بعض هفوات قد لا يراها غيري كذلك وأرى تلافيها أولى من تركها، وكفى هذا السفر جودة أن تعد عيوبه
وليقرأ القارئ قصة طالوت مثلاً أو قصة موسى أو عيسى أو شعيب، فسيجد لساناً عربياً مبيناً، وقصصاً مرسلاً محبوباً شائقاً سائغاً وحكمة عالية بالغة، وعبرة لأولي الألباب.