الدقيق من أغلفته ونزع من الأرز قشوره، وبهذا لم تكن التغذية على ظهر السفينة طبيعية مستوفاة متنوعة، ونصح بتغيير قائمة الطعام وإضافة الخضر الطازجة والفواكه الطازجة وعصيرها واللبن الكامل واللحوم غير المحفوظة. تبادل طبيب الباخرة وطاهيها النظرات مستبعدين صحة ما يدلي به هذا الشاب ولكن ما يمنعهم من تجربة ما يقول وقد أعيتهم الحيل، ولتكن محاولة أخيرة عل فيها الشفاء
وبإتباع قائمة الغذاء الجديدة تبد الحال وسرى في المرضى تيار الصحة وظهرت عليهم أعراض الإبلال فهبطت أورام المفاصل وخف ضغط الأعصاب وزحف الذين أقعدهم المرض. وبانقضاء أسبوع واحد على نظام التغذية الجديد الذي أشار به ماك كان غادر مستشفى الباخرة الفوج الأول من المرض، وبمضي أسبوعين وقف المقعدون ومن حل بهم المرض ودب في الجميع دبيب الحياة
لقد كان في المأساة التي حلت برجال الطراد وأودت بأرواح مائة وعشرة من الأنفس المخاطرة القوية أسى وعبرة ومثل واضح لقوم تمنعهم وفرة الغذاء ولا ترف العيش من التعرض لأصناف الهلاك والضعف إذا ما ساب من هذا الغذاء القوة الحيوية الغامضة التي أودعتها الطبيعة إياه، وكم كان جميلاً وطبيعياً من الإنسان الأول الذي عاش على الفطرة ونما مع الطبيعة أن كان يحصن نفسه ضد هذه العوارض إذا أقبلت عليه بمضغ الخضراوات وتبلغ الأعشاب كي يقاسمها بعض ما أودعتها الطبيعة من قوى حية كامنة
أما بعد ذلك وبدافع التطور والمدنية فقلما يفعل الإنسان ما كان يفعله السلف الغابر، بل قد ادعى الأفضلية على الطبيعة فعمل على تهذيب ما تهبنا من غذاء عالجه للحفظ تارة بالتسخين وأخرى بالغلي أو التعقيم أو التمليح أو الغسل بالحوامض والقلويات حتى التكرير والتبييض والتلميع. وبهذه العمليات القاسية أبعد الإنسان من غذائه هذه المواد التابعة التي لم يعرها أي انتباه ما دام يرضي الغذاء الذي يستسيغه ويروقه، والذي يعتقد احتواءه على النسب اللازمة من المواد الغذائية والوحدات الحرارية (الكالوري).