للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- اللهم لطفا. .! إنك لا تبالين - إذا ظفرت بالمال الذي تبغين - أن يشقى الحي وأهله برؤية هذا الزنجي الكريه المنظر،

- إنه ليس بزنجي، بل هو مصري.

- وما الفرق بين هذا وذاك؟ أو ليسوا جميعا من أهل آسيا؟

- لست أدري أية آسيا تعنين. . . غير أني حادثت هذا الشاب، فرأيته يتكلم بلساننا كأحسن أبنائنا. ورأيت في حركاته وسكناته ما ينم عن حسن الأدب وكرم المحتد.

ذاك لعمري العسل الذي يخفي السم الزعاف. وكأنما نسيت ذلك الهندي الزنيم الذي كان نازلاً في بيت مسز براون. لكم كانت تكرمه الأم وتجله، وتسمح له أن يصحب ابنتها دورا إلى بيوت الرقص واللهو. فكان جزاؤها أن خان الأمانة وخفر الذمة، ثم اختفى من المدينة فلا يعرف له أحد مستقراً ولا مقاماً.

- ما أحسب الناس أشراراً كلهم، وفي أبنائنا البيض من يرتكب ما هو شر مما ارتكبه الهندي. وعدا هذا فاني ليست لي ابنة فأخاف عليها، وقد زوجت بناتي جميعاً، ولله الحمد.

ونحن؟ أما تحسبين لنا ولبناتنا حسابا؟ انك من أجل بضعة الجنيهات التي سينقدك إياها لا تبالين بنا ولا بما قد يحل بنا ولا بالحي وما يدنسه ويحط من شأنه.

لكني قد وعدت هذا الشاب أن أسكنه الحجرة السفلى والغرفة الأمامية، ولا بد أن أبر بوعدي.

- يا لهذي السذاجة البديعة! كأنما يفهم هؤلاء السود ما الوعد وما الوفاء بالعهد!. . . ولقد كان ذلك بالهندي شديد الوفاء لدورا المسكينة يوم تركها في تلك الحال الأليمة، واعتصم بالفرار!. .

وفي هذه اللحظة خرجت الحارة الأخرى من المنزل رقم ١٩ وانضمت إلى جارتيها وانتقل الحوار من الحديقة إلى داخل المنزل وقد صحت نية الجارتين إلا تركا صاحبتهما حتى تذعن لرأيهما، وتنزل عند إرادتهما.

- ٢ -

في صباح ذلك اليوم من تشرين الأول استيقظ (حسن) من رقاد كان مملوءا بالأحلام. . . وكانت أحلامه عن مصر وعمن بمصر، وعن منزله المطل على النيل، حيث خلف والدين

<<  <  ج:
ص:  >  >>