للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليلة حالكة الظلام، عند أوبتهن من المرقص والمسرح: ان الرعب الذي يستحوذ عليهن في تلك اللحظة لخليق بان يورثهن سقماً يلازمهن مدى الحياة. . . كلا. . ان السيدة هرفي - مهما كان حبها للمال - يجب أن تعلم أن مثل هذا الشيء لا يجوز. . . ومن حسن الحظ أن الفتى لم يأت بأمتعته بعد. . . ولم يزل في الوقت متسع لمنع هذه الكارثة من أن تلم بهذا الحي الآمن المطمئن، ولئن كانت السيدة هرفي قد نسيت ما عليها من واجب تلقاء الحي وأهله، فأحرى بجارتها مسز نلسن أن تريها الرشد من الغي، وأن تردها عما هي سائرة إليه من الوبال. . . .

ولم يطل بها الانتظار، بل فتح باب المنزل رقم ١٧ وخرجت السيدة هرفي، وهي في نهاية العقد الخامس من العمر؛ وفي يمينها خرقة كبيرة وفي يسارها سطل كبير. ثم بدأت جارتها بالتحية.

- عمي صباحاً، مسز نلسن، عمي صباحاً.

- نعم صباحك، مسز هرفي.

- أن الهواء دافئ صحو، والشمس مشرقة في السماء. أرجو أن تكوني بخير.

- انك خرجت اليوم متأخرة على غير عادتك.

أجل لقد كان لدي اليوم عمل كثير، وكان علي أن أعد الحجرة السفلى، والغرفة الأمامية من أجل ضيفنا الجديد فانه سيأتي بأمتعته قبل الظهر بساعة وقد يبقى بالمنزل إلى وقت الغذاء.

أتعنين إذن انك رضيت بذلك الزنجي الدموي نزيلا عندك؟

- هل أنبأك بأمره أحد؟

- رأيته أمس من خلال النافذة خارجاً من باب بيتك، ففتحت عيني من الدهشة، وأنا لا أكاد أصدق ما أراه. وخشيت أن تكوني قبلت أن تسكنيه بيتك. والآن قد صدقت أسوأ ظنوني فبالله يا صديقتي، إلا تدبرت الأمر قليلا، قبل أن تنزلي بهذا الحي الآمن هذه النكبة الفادحة.

- وأي نكبة في هذا؟ أن للفتى حجرته يجلس فيها، وغرفته ليرقد فيها، ولن يكون له سبيل إلى أحد من الحي، ولا لسكان الحي سبيل إليه. فهوني عليك فليس في الأمر ما يدعو لكل هذا الاهتمام. .

<<  <  ج:
ص:  >  >>