مستنكراً القصة التي اخترعت عنه وقال: إن أحمد عرابي إنما هو بمثابة ابن لي، وهو يعرف حقي وواجبه، فمكانه في وزارة الحرب، ومكاني في البرلمان، وهو ينتصح لرأي وليس يعتدي على حقوقي. أما من حيث استلاله السيف أمامي فهو لا يفعل ذلك إلا إذا رأى أعداء يهاجمونني، وهذه حكايات لا يصدقها رجل يعرفنا نحن الاثنين وهي حكايات كاذبة لا أساس لها من الصحة، ولك أن تثق أن أصغر نائب هنا يمثل الناس يحسن الحكم على ما يحتاجه أولئك الناس أفضل من أعظم جندي. ونحن نحترم أحمد عرابي لأننا نعرف أنه صادق الوطنية عظيم المواهب السياسية وليس لأنه جندي). . .
ثم يستطرد بلنت قائلاً:(وقد نقلت كلمات سلطان باشا هذه عن مذكرة لي أثبتها فيها يومئذ، وقد أنحى الشيخ على ماليت لنشره مختلف الأباطيل وطلب مني أن أنقل إليه الحقائق وأن أبلغها لغلادستون وأنشرها في الصحف، وقد أرسلت الحكاية بالتفصيل إلى التيمس، ولكنها لسبب لا أعرفه لم تنشرها، وأرسلت تلغرافا بالمعنى نفسه للمستر غلادستون ثم أرسلت خطاباً مستفيضاً ضمنته رأيي في الموقف كله)
هذه هو كلام بلنت عن هذه الفرية، وما أجمل ما وصف به سلطاناً عرابيا فهو لا يحترمه لأنه جندي ولكنه معجب بوطنيته مقدر لمواهبه السياسية، ومثل هذا الكلام لا يصدر عن مثل سلطان عن خوف أو تملق، فقد كان أكبر من أن يخاف وأعظم من أن يتملق؛ وهو بطبعه شديد الكبر كثير المباهاة بجاهه والاعتزاز بثروته؛ بل إن صدور هذا الكلام عن رجل هذه هي صفاته إنما يزيد في قيمته ويجعله منه وثيقة خطيرة ندعو الذين يجهلون حقيقة عرابي إلى قراءتها في روية وحسن طوية
ويذكر بلنت أن التيمس لم تنشر تكذيبه لسبب لا يعرفه، والأمر في ذلك ظاهر لا يحتاج إلى طويل شرح، فالتيمس وإضرابها من الصحف الإنجليزية تخدم قضية الاستعمار أبداً، وهي خير من يدرك نيات الساسة في بلدها وأول من يطلع على حقائق الأمور، فلم تكن تجهل يومئذ ما تبيته إنجلترة لقضية الأحرار في مصر، بل وما تنتويه السياسة الإنجليزية العليا من الاستيلاء على مصر قبل أن تستولي عليها فرنسا، ولذلك فهي ما كانت لتنشر رأياً مثل هذا الرأي يأتي على لسان رجل مثل بلنت فيكون به من الإنجليز شاهداً من أهلهم عليهم