وقد أصبح عمل الجاسوسية من الأعمال الأساسية التي لا يستغني عنها في جميع الدول، وعلى الرغم من العقوبات الصارمة التي جوزي بها بعض الجواسيس فإن الإقبال على هذه المهنة لازال كبيراً.
وقد توجد الجاسوسية بين دولتين ليس بينهما شيء من العداء على الإطلاق ولا ينتظر أن يكون في المستقبل. ففي هذه الحالة يكون العمل موزعاً بين الرقابة العامة، وتكتفي بالتقارير الحربية التي ترد إليها من سفاراتها ومصادرها الخاصة، وبين الجواسيس المحترفين الذين لهم قوة الكلاب في شم أخبار الحوادث المحلية التي تقع في تلك البلاد، ومعرفة الفرص التي يمكن أن تستفاد بسببها.
ويقوم الجواسيس بأعمال هامة في البلاد التي يدخلونها، ولا يقتصر عملهم على تسقط الأخبار فحسب، فهم يعملون على إثارة الفتن والاضطرابات، وتشجيع روح الامتعاض والثورة والاعتداء على الأنفس والأموال.
والجواسيس المحترفون من الظواهر العجيبة في المدنية الحديثة فهم يستفيدون من وطنية الغير لأنهم خلو من الوطنية. وهم في الغالب أناس ليس لهم وطن ولا تعرف لهم بلاد، وذلك أنهم من عناصر مختلفة حتى إنهم لا يعرفون شيئاً عن أنفسهم أو لغتهم.
ويقومون بهذا العمل بادئ الأمر بإغراء المال وبدافع الحاجة، ولكن سرعان ما ينقلب الأمر إلى ميل طبيعي للمخاطرة والتهييج، وكراهية للشرف والكرامة، ورغبة شخصية في إضرار البلاد لأنهم لا بلد لهم.
لا صداقة للإسلام مع الاستعمار. عن جريدة الوحدة المغربية
الاستعمار ينتزع الحرية من المولودين أحراراً، وينتزع الملك من المالكين الأولين، ويمسخ الإنسانية إلى حيوانية سفلي فيجعل من المغلوبين مادة جامدة صماء بكماء عمياء، ويحصر همهم في التدحرج على فتاة الموائد الذي يفضل عن الأسياد الغالبين. وقد أصيبت به أمم الإسلام فكرهته ومقتته مقتاً عظيماً، وأخذت تعمل للتحرر منه ومن الدول التي تمثله مثل فرنسا وإنكلترا. وجاءت ألمانيا وإيطاليا متأخرتين إلى هذا الميدان، وأخذتا تنشران الدعاية ضد الاستعماريين الإنكليزي والفرنسي، ففهم الناس لأول وهلة انهما ستساعدان الشعوب الضعيفة على التحرر، ودخل في روع المغرورين أن إيطاليا ستترك المسلمين الذين أوقعهم