قالوا: لما دخل عليه السلام البيت يوم الفتح رأى فيه صور الملائكة وغيرهم، فرأى إبراهيم عليه السلام مصوّراً في يده الأزلام يستقسم بها، فقال: قاتلهم الله! جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام! ما شأن إبراهيم والأزلام؟! (ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين). ثم أمر بتلك الصور كلها فطمست. وكان يقول وهو يشير إليها:(جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً)
قال الراوي: أراد فضالة بن عمير بن الملوّح الليثي ليقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت عام الفتح، فلما دنا منه قال الرسول: أَفضالة؟ قال: نعم فضالة. يا رسول الله قال: ماذا كنت تحدث به نفسك؟ قال: لا شيء. كنت أذكر الله عز وجل. فضحك النبي، ثم قال: أستغفر الله! ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه. فكان فضالة يقول: والله ما رفع يده من صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إليّ منه. قال فضالة: فرجعت إلى أهلي فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها، فقالت: هلمّ إلى الحديث، فقلت: لا، وانبعث فضالة يقول:
قالت: هلم إلى الحديث فقلت: لا ... يأبى عليك الله والإسلام
لو ما رأيتِ محمداً وقبيلهُ ... بالفتح يوم تُكسر الأصنام
لرأيت دين الله أضحى بيِّناً ... والشرك يغشى وجهه الإظلام
قلت: هذه صفحة من أمجد صحف الإسلام ديناً، وخلقاً، وسياسة، وأدباً، وحماسة، ليس لي فيها إلا تخليصها من أطواء السيرة، وعرضها بأسلوبها، لعل في الذكرى نفعاً:
وإذا فاتك التفاتٌ إلى الما ... ضي فقد غاب عنك وجهُ التأسِّي