أحد فقال: أي أُخَيّة احتسبي طوقك. ثم فرق الرسول جيشه من ذي طوى، فدخلت فِرقُة مكة من نواحيها ونزل الرسول بأعلى مكة وضربت له هناك قبة
وكان صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمر، قد جمعوا أناساً بالخَنْدَمة - جبل بمكة - ليقاتلوا المسلمين. وكان حِماس بن قيس من بني بكر يُعِدُّ سلاحا قبل دخول الرسول. فقالت له امرأته: لماذا تعد ما أرى؟ قال: لمحمد وأصحابه. قالت: والله ما أرى أنه يقوم لمحمد وأصحابه شيء. قال: والله إني لأرجو أن أُخدمَكِ بعضهم. ثم شهد الخندمَة مع صفوان وسهيل وعكرمة وأناس من المشركين فهزمتهم رجال خالد بن الوليد، فخرج حماس منهزماً حتى دخل بيته، ثم قال لامرأته: أغلقي عليّ بابي. قالت: فأين ما كنت تقول؟ فقال:
إنكِ لو شهدتِ يوم الخندمهْ ... إذْ فر صَفوانُ وفر عكِرمهْ
وأبو يزيد قائمٌ كالمؤتَمَه ... واستقبلتهم بالسيوفِ المسلمهْ
يَقطعن كلَّ ساعدٍ وجُمجمهْ ... ضرباً فلا يسمعُ إلا غمغمهْ
لهمْ نهيتٌ خلفنا وهَمهمهْ ... لم تنطِقي في اللوْم أدنى كلمهْ
لما نزل الرسول مكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت فطاف به سبعاً على راحلته يستلم الركن بِمحجَن في يده. فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له، فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحها. ثم وقف على باب الكعبة فقال:(لا إله إلا الله، وحدَه لا شريك له، صَدقَ وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهزم الأحزابَ وحده. ألا كلُّ مأثرة أو دم أو مال يُدعى فهو تحت قدَميَّ هاتين إلا سدنة البيت وسقاية الحاج إلا وقتيلَ الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدية مُغلَّظةً، مائة من الإبل. أربعون منها في بطونها أولادها. يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتَعظُّمَها بالآباء. الناس من آدم، وآدم من تراب. (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير) ثم قال: يا معشر قريش؛ ما ترون أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطُّلقاء. ثم جلس رسول الله في المسجد فقام إليه علي بن أبي طالب، ومفتاح الكعبة في يده فقال: يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك. فقال الرسول: أين عثمان ابن طلحة؟ فدُعِيَ له، فقال: هاتِ مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء