للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

دينها الرسمي الإسلام، ولأن فيها الملك المسلم التقي فاروق أعز الله به الإسلام، ولأن فيها الأزهر المعمور وفيها العلماء، ولأن فيها اتجاهاً إسلامياً قوياً ظهر في السنين الأخيرة، ودعوة قوية إلى استبدال القوانين الإسلامية بالقوانين الأجنبية

ولو أني وجهت هذه الدعوة قبل عشر سنين مثلا لعرضت لها المعارضة من ناحيتين: ناحية المشايخ الجامدين، وناحية الشباب الجاحدين. أما الأول فلأنهم كانوا يعتقدون أن الاجتهاد سد بابه إلى يوم القيامة، وأن الفقهاء لم يدعوا شيئاً إلا بينوا حكمه مع أن المسألتين مردودتان، لأن سدّ باب الاجتهاد معناه الحظر على الله أن يخلق مثل أبي حنيفة، وهذا محال. ومادامت الأرحام تمتلئ، والنساء تلد، فليس مستحيلاً أن ينشأ مجتهدون وأئمة ونابغون يفوقون الأولين - ولأن الفقهاء وإن بذلوا الجهد، وفرضوا في كثير من المسائل أبعد الفرضيات، وبينوا حكمها، فإن من البديهي أنهم لم يتكلموا في المسائل التي ظهرت الآن ولم يعرفوها. وإذا كان الإمام الشافعي قد غير رأيه في أكثر مسائل المذهب، حين انتقل إلى مصر، ورأى أفقاً جديداً، حتى صار له مذهبان قديم وجديد، فلم لا يتغير الرأي في كثير من المسائل، وقد تغير العالم كله، وتبدلت الدنيا، والإسلام صالح لكل زمان ومكان، والأحكام تتغير بتغير الأزمان؟

أما الشباب الجاحدون فقد كانوا يعارضون هذه الدعوة لأنهم كانوا ينفرون من كل ما يتصل بالإسلام، أو يمتّ إلى الدين بسبب، ويموتون عشقاً لأوربة، ولكل ما له علاقة بأوربة

أما الآن فقد اعتدلت الطائفتان، فلم يبق على وجه الأرض عالم مسلم يقول بسد باب الاجتهاد، ويدعي أن الفقهاء لم يتركوا شيئاً كان أو يكون إلا بينوا حكم الله فيه؛ ولم يبق في الشباب المتعلمين (والمثقفين حقاً) من ينفر من الدين، ويفزع من اسمه، بل إن العقلية العربية (ولاسيما في مصر) قد اتجهت نحو الإسلام اتجاهاً قوياً ملموساً؛ فعلماء مصر، وطلاب مصر، ورجالات مصر، مؤيدون للإسلام متجهون إليه، وهذا مما يسر، ويبعث الأمل في نشوء هذه الحلقة المفقودة، وإنجاز هذه الواجبات كلها

والمسائل التي تحتاج إلى نظر وبحث واجتهاد كثيرة لا أستطيع الآن - ولا أريد - أن أستقريها كلها، ولكني أمثل لها بأمثلة قليلة قريبة

هذا رمضان قد جاء. أفلا يجب إعادة النظر (مثلاً) في مسألة ثبوت الهلال؟ أليست هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>