بجزيل عطائه، ولم يشاركهم في شيء من أحوال هذه الدنيا (نزاهة عنها، ورفضاً منه لها على مقداره ومكنته لأمر سبق في حكمته، وهو سلام الله عليه اعلم به، فأصبحتم وقد حزتم من فضله وجزيل عطائه ما لم ينل مثله بشر من الماضين من أسلافكم. . . ولم تنالوا ذلك من ولي الله باستحقاق ولا بعمل عامل منكم من ذكر وأنثى؛ بل منة منه عليكم ولطفا بكم ورأفة ورحمة واختباراً ليبلوكم أيكم احسن عملاً، ولتعرفوا قدر ما خصكم به في عصره من نعمته وحسن مننه وجميل لطفه وإحسانه، وعظيم فضله دون من قد سلف من قبلكم)
وأنه قد أجرى عليهم الأرزاق والنعم من الذهب والفضة والخيل المسومة والأقطاع والضياع، ورفعهم إلى ذرى المراتب وشرفهم بأرفع الألقاب، حتى غدوا سادة يحكمون ويطاعون، وعاشوا في نعماء ورغد، فاقبلوا على الدنيا واعتزوا بها، وظنوا إنها سبيل الفوز في الآخرة، وتظاهروا بالطاعة في حين أنهم متمسكون بالمعصية؛ ثم يقول الداعي:
(ثم من نعمة الباطنة عليكم إحياؤه لسنن الإسلام والإيمان، التي هي الدين عند الله وبه شرفتم وطهرتهم في عصره على جميع المذاهب والأديان، ومزيتم من عبده الأوثان وابانهم عنكم بالذلة والحرمان وهدم كنائسهم ومعالم أديانهم. . . وانقادت الذمة إليكم طوعاً وكرهاً فدخلوا في دين الله أفواجاً: وبنى الجوامع وشيدها وعمر المساجد وزخرفها، وأقام الصلاة في أوقاتها والزكاة في حقها وواجباتها، وأقام الحج والجهاد وعمر بيت الله الحرام، وأقام دعائم الإسلام، وفتح بيوت أمواله، وأنفق في سبيله، وخفر الحاج بعساكره، وحفر الآبار، وآمن السبيل والأقطار، وعمر السقايات، واخرج على الكافة السدقات، وستر العورات، وترك الظلمات، ورفع عن خاصتكم وعامتكم الرسوم والواجبات، وقسم الأرض على الكافة شبراً شبراً، وفتح لكم أبواب دعوته، وأيدكم بما خصه الله من حكمته ليحثكم على طاعته وطاعة رسوله وأوليائه عليهم السلام، فشينتم العلم والحكمة وكفرتم الفضل والنعمة، وآثرتم الدنيا كما آثروها قبلكم بنو إسرائيل في قصة موسى عليه السلام، فلم يجبركم ولي الله عليه السلام، وغلق باب دعوته واظهر لكم الحكمة وفتح لكم خارج قصره دار علم حوت من جميع علوم الدين وآدابه وفقه الكتاب في الحلال والحرام والقضايا والأحكام. . . وأمدكم بالأوراق والدواة والحبر والأقلام، لتدركوا بذلك ما تمضون به وتستبصرون. . .)
ثم يقول حمزة بعد إن يستعرض أعمال الحاكم على هذا النحو - إنهم - أي الناس، لم