من أهم كتب الموسم التي صدرت أخيراً بإنكلترا كتاب عن السير رتشارد جرنفيل أمير البحر المشهور في القرن السادس عشر، ومؤلفه مستر جورج هربرت بوشنل؛ وقد كان العصر الذي ظهر فيه السير جرنفيل، وهو عصر الملكة اليزابيث، أشهر عصور البحرية الإنجليزية، وفيه ظهر مع جرنفيل عدة من أمراء البحر المشهورين مثل السير فرنسيس دريك، والسير رالي، وجون هوكنس وغيرهم. وكانت البحرية الإسبانية يومئذ في أوج قوتها، وكانت المعارك الهائلة تنشب بين الإنجليز والأسبان باستمرار في المياه الأوربية والمياه الأمريكية، وتملأ سير هذه المعارك وتراجم أبطالها من الإنجليز والأسبان أسفاراً بديعة تفيض بأغرب الحوادث حتى يخيل لقارئها أنه يتلو صحفاً من الخيال المغرق. وكتاب مستر بوشنلي عن السير جرنفيل وعنوانه: أحد هذه الأسفار العجيبة التي تذكرنا بكل ما يحتويه القرن السادس عشر من الحوادث والمعارك البحرية المدهشة ومن أعمال البطولة الرائعة.
وقد كان السير جرنفيل من أبناء كورنوال، وظهر في البحر منذ حداثته، وقاد أول حملة بحرية إلى مياه فرجينيا (أمريكا) في سنة ١٥٨٦، واشترك في كثير من المعارك البحرية التي وقعت يومئذ بين الإنكليز والأسبان، وحارب أيضاً ضد الترك في البحر الأبيض، واشترك في موقعة (الأرمادا) الشهيرة ضد الأسطول الأسباني؛ بيد أن أعظم موقعة خلدت اسم جرانفيل هي موقعة (آزورس) التي قتل فيها؛ وكان يومئذ قائد سفينة (رفنج) الشهيرة في الحملة التي سارت بقيادة الأميرال توماس هوارد لضبط السفن الأسبانية القافلة من أمريكا محملة بالذهب والفضة؛ وفي مياه (آزورس) نشبت المعركة، وكان الأسطول الأسباني يفوق السفن الإنكليزية ضعفين. ولما رأى الإنكليز ضعف مركزهم قرروا الانسحاب، وكانت سفينة جرنفيل في المؤخرة فاشتد عليها الضغط، ولكنها لبثت تقاتل حتى آخر لحظة وجرنفيل يرفض التسليم حتى جرح جرحاً عميقاً، وعندئذ سلمت برغم إرادته، بيد أنها لم تسلم إلا بعد أن أغرقت عدة سفن أسبانية؛ وتوفي جرنفيل بعد ذلك بساعات قلائل.
هذه الحياة المضطربة الحافلة يعرضها مستر بوشنل عرضاً قوياً ممتعاً يخيل إليك عند