نظامين من نظم الحكم. أما الرابطتان فإحداهما رابطة الوطن وتعززها رابطة الجنس، والثانية رابطة الطبقات أو الحركة الاشتراكية. وأما النظامان فأحدهما هو النظام الديمقراطي، والآخر هو النظام الدكتاتوري
وما بنا أن نعني بحركة ضعيفة ولدت عرجاء بعد أن تمخضت عنها آلام الإنسانية من أهوال الحرب الكبرى، وتلك هي رابطة البشرية، تنتظم بني البشر كافة في جامعة واحدة، يسمونها اليوم بعصبة الأمم. فإن رابطة البشرية هذه لا تزال وليداً بين الحياة والموت، فلندع لها بالبقاء ولنتركها جانباً
ولنستعرض الكفاح الذي نشهده الآن في أوروبا بين رابطة الوطن ورابطة الطبقات
ليس هذا الكفاح وليد القرن العشرين، بل هو قد بدأ منذ القرن التاسع عشر، وقد تعقبنا أصوله في لمحة سريعة عندما كنا نتكلم في تقدم الصناعات الكبرى الذي قوى هاتين الرابطتين المتناقضتين. والآن نعرض لهذا الكفاح في شيء من التفصيل، فنتكلم في الاشتراكية وقد قامت على رابطة الطبقات، ثم نتكلم في الفاشية والنازية، وقد قامت الأولى على رابطة الوطن والأخرى على رابطة الجنس
أ - الاشتراكية
بدأت الاشتراكية تتأصل جذورها في أوروبا منذ القرن التاسع عشر. وقد نبتت في تلك التربة الصناعية التي سبق لنا ذكرها، إذ كثر عدد الطبقات العاملة، واستغلهم أصحاب رؤوس الأموال استغلالاً تأباه الإنسانية. فوجدت الاشتراكية جواً صالحاً تترعرع فيه وتزدهر. على أن المذهب الاشتراكي لم يكن وليد القرن التاسع عشر، فهو مذهب قديم، يمكن أن نرجع أصوله إلى أفلاطون الفيلسوف اليوناني المعروف، وقد كان يقول بالشيوعية في الملكية وفي الأسرة، ووضع كتابه (الجمهورية) يؤيد فيه هذا المذهب. وقام في أوائل القرن السادس عشر توماس مورا يقول بالشيوعية في المال دون الأسرة، في كتابه (جزيرة أتوبيا). ولكن الاشتراكية لم تأخذ شكلاً علمياً منظماً إلا بقلم زعيمها الأكبر كارل ماركس نبي الاشتراكية في أواسط القرن التاسع عشر
وللاشتراكية فلسفة علمية ولها خطط عملية. أما فلسفتها فنظرة مادية إلى وقائع التاريخ، وتفسير هذه الوقائع تفسيراً اقتصادياً محضا. وهذا ما يسمى عادة بالمادية التاريخية أو