الألحان يتلخص في حضني نشيداً:
(شتيت الأجزاء وحدة واحدة، أيها الربيع!
على طور حسنك نتجلى معك، أيهذا الربيع!)
أنا الينبوع الصافي، وهو ذا الربيع!
ظليلة تحنو الشجرة علي، وأنا في فيئها الحنون جاثم.
بلورية الجلباب بلورية الرنين تتلاحق مياهي، وقد أودعها الربيع لاعج الشوق ووصب الحياة؛
وفي مترنح أسجوعتها نداء وإغراء، ونعومة واستعطاف، ووعد ووفاء، وثقة ونوال.
مياهي تفضض الحصى وترطب الأعشاب والادغال، في جريها الحثيث إلى حيث لا تدري. هي تتوق إلى رشيد السخاء كيلا تحسب ولا تدخر.
وتتوالى الساعات فلا يتفيأ شجرتي شريد الهجير، ومرآتي المتثنية لا ترسم وجه المرتوي الشكور!
ليس من عابر، غير ذلك الذي مني أخذ ما أخذ ليقذفني بالأحجار، ويترك منه تذكاراً، اللعنة والأقذار!
اليأس خالط صفائي، والكآبة حلت في مياهي!
وبت أحلم بالذين طوحت بهم السبل فهاموا في القفر عطاشا، بينا مدرار أجاجي يناديهم وينطق باسمهم جزافاً!
ولامستني مؤاسية في الظلام الأفنان، فاستحالت مياهي عبرات وغدا نشيدي شهيقاً وانتحاباً:
(الربيع الحزين الحزين، هو ذا الربيع!
(ربيع الجحود والهجران، كيف احتمل الربيع؟)
أنا الصحراء القحطاء، وهو ذا الربيع!
الصحراء الواجمة الكتوم، كذلك كنت وكذلك أكون!
الحياة صور وأشكال وسنن؟
أفي الحياة ولادة وموت؟