مسجد يمتد جنوبي لمشهد الرضوي من الشمال إلى الجنوب (٩٥ ٨٤ متراً) وأعظم أواوينه الإيوان الجنوبي، وهو عقد هائل ارتفاعه ٢٥ متراً غشى كله بالكاشاني الجميل، وعلى دائرته آيات من القرآن بأحرف كبيرة جميلة كتبها بخطه الأمير بايسنقر بن شاه رخ بن تيمورلنك، وذلك إلى آثار أخرى دليل على عناية أمراء المسلمين بالفنون الجميلة ولاسيما الخط. وفي هذا الإيوان كرسي من الخشب يقال إن المهدي سيجلس عليه أول ما يظهر للناس؛ وفي وسط المسجد مصلى يسمى مسجد ييرزن (مسجد المرأة العجوز) وفيما يلي المشهد الرضوي بنية اسمها دار الحفاظ. وتصل المسجد بالمشهد الرضوي أبواب صغيرة
زرنا المسجد الرضوي صبيحة الجمعة ثالث رجب سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وألف فرأينا أفواجاُ من الزائرين والزائرات متزاحمين بين مصل ومسبح وداع وباكٍ ومقبل للأعتاب ومطيف بالضريح المقدس، ولهذا الحشر دوي يملأ القلب خشوعاً ورهبة، وسار بنا الدليل إلى بناء في ناحية من الحرم أسمه حجرة التشريفات، فصعدنا إلى حجرة كبيرة بها جماعة من القوام على الحرم فأحسنوا لقاءنا وقدموا إلينا الشاي، وتحدثوا معنا بالعربية والفارسية معلنين سرورهم واغتباطهم، ومتحدثين بالاخوة الإسلامية التي تجمعنا وإياهم؛ ثم انصرفنا شاكرين أملين أن نعود إلى شرف الزيارة مرات حتى تقضي النفس لبانتها من مشاهدة هذا الجمال والجلال
ويوم الأحد التالي زرت المكتبة الرضوية وهي في الصحن الجديد في الطبقة الثانية، وقد اطلعت فيها على مصاحف يحار الإنسان في مرآها ويعجز عن وصفها، وحدثني قيم المكتبة أن بها آلافاً عدة من المصاحف المخطوطة: رأيت قطعة من مصحف بخط كوفي في آخرها: (كتبه علي بن أبي طالب)، ومصحفاً كاملاً بخط كوفي في أخرها:(كتبه الحسن بن علي بن أبي طالب) ورأيت مصحفاً وقفه إبراهيم قطب شاه سنة ٩٧٠ فيه ٣٣٩ ورقة، وفي كل صفحة ١٢ سطراً محلاة بالذهب والمينا، وطول الصفحة ٥٦ قيراطاً وعرضها ٣٧، وفيه من بدائع الصناعة ما يجل عن الوصف، فما يزال الناظر فيه حائر القلب والطرف؛ ومصحف آخر وقفه السيد محمد جعفر خان سنة ١١٤٨ فيه ٦٠٦ ورقات كل ورقة لها نقش خاص يخالف نقش الورقات الأخرى. وفي هذه المصاحف من عجائب النقش والوراقة والتجليد ما لا يدركه إلا ابرائي. وقد قيل لي إن بعض الأوربيين بذل في