إنه يود أن يتخلص من البدن وأن يعود إلى الروح ما استطاع إلى ذلك سبيلاً
ذلك حق
وترى الفلاسفة يلتمسون في مثل هذا الأمر كل سبيل لفصل الروح عن الجسد أكثر مما يفعل سائر الناس جميعاً
ذلك صحيح
بينا يعتقد سائر الناس يا سمياس ان حياة تخلو من لذائذ البدن ولا تأخذ منها بقسط، ليست حقيقة بالبقاء، بل يرون أن إنساناً لا يفكر في مسرات الجسد، يكاد يكون كالأموات
ذلك جد صحيح
وبعد فماذا عسانا أن نقول عن السبل الحقيقية التي تقتضيها المعرفة؟ إن كان ثمت ما يدعو الجسم للمساهمة في تحصيلها، فهل يكون عائقاً لها أم معيناً عليها؟ أعني هل يأتينا البصر والسمع بحقيقة ما؟ أليس هما دليلين خاطئين كما لا يفتأ ينبئنا الشعراء؟
فان كان خاطئين ومبهمين، فماذا عسى أن يقال عن سائر الحواس؟
ولا أحسبكم معارضين في أنهما أضبط الحواس
فأجاب سمياس - يقيناً
وإذن فمتى تدرك الروح الحقيقة؟ - لأنها إن أشركت معها الجسم فيما تحاول أن تبحثه، فهي مخدوعة لا محالة
- نعم، هذا صحيح
- أفلا يجب إذن أن ينكشف لها الوجود بوساطة الفكر، إن كان له أن ينكشف
- نعم
- وأحسن ما يكون الفكر حينما ينحصر في حدود نفسه، حتى لا يشغله شيء من هذه - فلا أصوات ولا مناظر ولا ألم ولا لذة مطلقاً - وذلك إنما يكون عندما يصبح الفكر أقل اتصالاً بالجسد، فلا يصله منه حس ولا شعور، بل يتصرف بتطلعه إلى الكون