ألا ترى الصلة الآن بين شعر المتنبي وأماكن يعرفها أهل القاهرة واضحة سهلة أمامك في جهات مررت بها، ويظهر أن المقريزي وابن دقماق ينقلان من مصدر واحد، ولكن الأول يقرر في صفحة ١٢٩ من الخطط ما يأتي:
(قال القاضي أبو عبد الله بن محمد سلامة القضاعي في كتاب الخطط. . وأن دار الحرم بناها خمارويه لحرمه وكان أبوه اشتراها له فقام عليه الثمن وأجرة الصناع والبناء بسبعمائة ألف دينار).
إذن عرفنا المصدر لتحديد أماكن الفسطاط ومنازل آل طولون هو القضاعي ولكن أين خططه؟
ويظهر أمامنا أنه في عصر المتنبي بمصر كان الجزء الواقع بين جامع ابن طولون والقلعة - التي لم تكن قد أنشئت بعد - كانت تحتله بقايا قصور ابن طولون وكانت خراباً يشمل جزءاً كبيراً من الأرض في عهد كافور، بدليل قول المعز لدين الله الفاطمي حينما دعاه جوهر إلى مصر، إنها لا تحوي غير خرائب ابن طولون.
لقد كان المسجد الطولوني ومناظر الكبش تطل على البركتين. . بركة الفيل وبركة قارون، وكانت الدار التي سكنها كافور ومدحه المتنبي من أجلها لا تبعد كثيراً عن المسجد، أما بركة قارون، وموقعها خلف جامع ابن طولون على رأي المقريزي وتؤكده خرائط الحملة الفرنسية، فكانت تتصل ببركة الفيل وتكونان بركة واحدة أيام الفيضان.
وكان امتداد بركة الفيل من جامع ابن طولون إلى القاهرة - حيث تقوم الآن الأحياء الحديثة ومنها الحلمية -.
لقد أمضى المتنبي حياته بمصر في أحياء الفسطاط وفي القصور بين البركتين، وكان يذكر الجامع العتيق وجامع ابن طولون ودار كافور التي مدحه من أجلها المتنبي، ذكرها المقريزي بقوله (إن الجالس في دار الفيل التي سكنها كافور كان يرى جزيرة مصر التي تعرف بالروضة).
هل نقدر أن نضبط أحياء الفسطاط وخططها وأماكنها المشهورة؟
هل نستطيع أن نوجد خريطة عن مصر القديمة وقصور بني طولون؟