خليق بتلك الذيول أن تعمل عملها في الناس وتثير بينهم مثل هذه النوازع إلى الشجار العنيف المميت؟ أم أن الناس جبلوا على أن يتناولوا المبدأ القديم (أنصر أخاك ظالما أو مظلوما) تناولا عماده الجهل وعدم تقدير للعواقب كما كان العرب يتناولونه ويطبقونه في تصرفاتهم قبل شروق الإسلام وأخذ المسلمين به بعد تبنيه من الرسول عليه السلام؟ الحق الذي لا مراء فيه هو أن الأسباب مادامت متهالكة واهية والمقدسات ركيكة متداعية فإن النتائج تكون أوهى أو هي وأضعف وليست ذا بال. . . فلنخلص من ذلك إلى كلمة نسم بها تلك الحوادث المخجلة المخيفة (وهى النتائج الفادحة لمقدسات تافهة لا قيمة لها وعمل الشعوب المتدني الحديثة) فنقول: إنها العصبية القبلية والمنهجية البغيضة التي طالما سمعنا وقرأنا عنها وهى تفعل أفاعيلها بين أهل الريف من قرى الصعيد وكثر من قرى الوجه البحري حيث يفنى بعضهم بعضا ويحكم بعضهم على بعض بالإعدام تارة بالرصاص وأخرى بالذبح وثالثة بالشنق والخنق، وهل بعيدة عنا تلك الحوادث الدامية التي دارت رحاها بين قبيلتي (الهوارة والفلاحين) في مركز دشنا؟ وأنا لنرى متعجبين أن حياة النازحين من أهل الريف إلى القاهرة والإسكندرية والسويس مثلا برغم تبدلها بانتقالهم من بيئة خشنة جافة في الريف إلى أخرى لينة ناعمة في العواصم فلم تبرح تلك العصبية تتملك أزمتهم وتحيا في رؤوسهم حتى بات الأخذ بالثأر القانون الأول في دستور ابن الريف. ولا ندرى متى تنتهي تلك العصبية القبيحة البالية؟ ومتى تحل محلها عصبية أخرى من المحبة والسلام والخير والجمال؟ ليت شعري هل يكون صاحب الدم نفسه أول من يستجيب فيرضي الله مخلصا بالتسامح والعفو، فيضع حدا لسفك الدماء حقنا لها وإبقاء على حياة البرآء الآخرين؟