في الكتابة واتجاهه في الرأي هكذا كان أجدادنا رحمهم الله. . . أما أدباء اليوم فيكفيهم أن يطل الواحد منهم من خلال سطور يكتبها بين الحين والحين، أما أن يتحدث إلى الناس، أما أن يجمع حوله الشباب أمر دونه فرط القتاد!
لقد انصرف الشباب يا سيدي إلى ما نسميه بالحربية، يشغلون بذلك فراغ أوقاتهم، ويملئون به جدب أذهانهم، حتى أنك لو جلت جولة قصيرة في حرم الجامعة لوجدت هذا التطاحن العجيب، ولشاهدت ذلك الجدل البغيض. وليته كان حول مسألة علمية أو مشكلة فنية أو حقيقة فلسفية. . كلا، بل هو حول الأحزاب والحزبية!!
لم لا تجمعون الشباب حولهم يا سيدي، فيكون لكل أديب ناد ولكل عالم قاعة؟ لم لا يكون لكل أديب تلامذة في الأدب يتعدهم بنفسه لا بكتبه، وبرعاهم بعنايته لا بمقالته؟ ويأخذون عن شفيته لا عن قلمه؟ لم لا يكون هذا حتى ينرح إليكم الشباب من كل بيئة، ويقبلون عليكم من كل مكان؟ وحتى نرى بجانب هذا النقاش الحربي نقاشاً آخر من نوع جديد نقاشاً يدور حول الأدب ومذاهبه أو حول النقد واتجاهاته؟!
لم لا تعقدون اجتماعات أسبوعية أو شهرية يا سيدي، تجمعون فيها هواة الأدب من الشباب؟ إنكم لو فعلتم ذلك لقدمتم للشباب أجل الخدمات، لأن الناس لا يقنعون منكم بالتأليف فحسب، بل هم متشوقون إلى مجالستكم والاستمتاع إليكم والأخذ عنكم. . نريد منكم أن تفتحوا أبوابكم وصدوركم حتى تخلقوا شباباً يتعصب الأدب كما يتعصب للمبدأ، ويشرد من أجل الفكرة كما يشرد من أجل الحزبية، ويؤمن برسالة الأديب كما يؤمن برسالة الزعيم؛ أما أن تكتبوا لنا وبينكم وبين الناس حجب وأستار، فسيان عندهم قراءتهم للحديث وقراءتهم للقديم. . ولا عجب أن تكون شكواكم حارة من قلة القراء!
محمد محجوب عمر
كلية دار العلوم
نريد منكم أن تفتحوا أبوابكم وصدوركم حتى تخلفوا شبابا يتعصب للأدب كما يتعصب للمبدأ، ويشرد من أجل الفكرة كما يشرد من أجل الحربية، ويؤمن برسالة الأديب كما يؤمن برسالة الزعيم. . بهذه الكلمات الصادقة يختم الأديب الفاضل رسالته، وينتظر من هذا القلم