تلقى النماء على جوانب أرضها ... والخصب في تلك الربى الجرداء
سبحان من جعل البلاد رخية ... في راحتيك كثيرة الآلاء
هي فيض نعمتك التي أوليتها=وصنيعك الباقي لغير فناء
وجدير بهذه القصيدة أن تغني من أمواج الإذاعة بدلاً من تلك الأغنيات السخيفة التي يصف فيها الحبيب ذله لحبيبه.
وله في الأحداث السياسية عدة قصائد يذكى فيها روح الشباب ويطلب العزة لمصر عن طريق الكفاح. قال في قصيدة بعنوان (ما سمعنا بمصر إلا صياحاً)
سبب العيش عدة وكفاح ... لا يصون الحقوق إلا السلاح
ما سمعنا بمصر إلا صياحاً ... آه يا مصر ما كفاك الصياح
وهذه أبيات تصلح أن تقال اليوم كما قيلت بالأمس.
وجاء في قصيدة له ألقيت في محطة الإذاعة عام ١٩٤٨
ولم تكن مصر في أغلال آسرها ... مأسورة الروح بل ماسورة البدن
ما أهون الروح في الأوطان نرخصها ... لكنها لسوى الأوطان لم تهن
وبعد لقد أطلت عليك أيها القارئ ولما أفرغ بعد من الإشارة إلى سائر القصائد التي وردت في هذا الديوان. فعليك به، فهو دليل على هذه الروح المصرية التي يريد أصحاب مذهب الإقليمية في الأدب تطبيقها. فيه الحوادث الكبرى والصغرى مما وقع بمصر خلال عشرين عاماً؛ وفيه نفسية الشاعر التي انفعلت بهذه الأحداث وتأثرت بها فصاغتها هذا الشعر العذب؛ وبذلك تكون الروح المصرية التي تسم الشاعر بطابع خاص هي في حقيقة الأمر البيئية الاجتماعية التي يعيش فيها، لا مجرد البيئة الجغرافية، أو البيئة الجامدة التي خلفتها آثار الأقدمين. ويكون من الخطأ التماس هذه الروح في الشاعر الذي يتحدث عن الأهرام أو النيل أو الصحراء وما إلى ذلك، بل الشاعر الحق هو الذي يسير في موكب الحياة، والحياة لا تعرف ماضياً أو حاضراً أو مستقبلاً لأنها كماء النهر تنساب في جريان، ولكن اللحظة الحاضرة هي أشد اللحظات أثراً في حياة صاحبها.